للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع واحِدَةٍ من هذه الشُّبُهَاتِ، فكيف إذا اجْتَمَعَتْ! مع أنه يحتَمِلُ أنْ يَحْصُلَ الفَسْخُ بالمُلامَسَةِ قبل الوَطْءِ، فيَكُونُ المِلْكُ قد رَجَعَ إليه قبل وَطْئِه، ولهذا قال أحْمَدُ فى المُشْتَرِى: إنَّها قد وَجَبَتْ عليه حين وَضَعَ يَدَهُ عليها. فيما إذا مَشَطَها، أو خَضَبَها، أو حَفَّها، فَبِوَضْع يَدِه عليها لِلْجِماعِ ولَمْسِ فَرْجِها بِفَرْجِه أولَى. فعلى هذا يِكُونُ وَلَدُه منها حُرًّا، ونَسَبُه لاحِقٌ به، ولا يَلْزَمُه قِيمَتُه، ولا مَهْرَ عليه، وتَصِيرُ الأمَةُ أُمَّ وَلَدِهِ. وقال أصْحابُنا: إن عَلِمَ التَّحْرِيمَ فوَلَدُه رَقِيقٌ، ولا يَلْحَقُه نَسَبُهُ. فإن لم يَعْلَمْ لَحِقَهُ النَّسَبُ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ، وعليه قِيمَتُه يومَ الوِلادَةِ، وعليه المَهْرُ، ولا تَصِيرُ الأمَةُ أُمَّ وَلَدهِ، لأنَّه وَطِئَها فى غيرِ مِلْكهِ.

فصل: ولا بَأْسَ بِنَقْدِ الثَّمَنِ وَقبْضِ المَبِيعِ فى مُدَّةِ الخِيارِ. وهو قولُ أبِى حنيفةَ، والشَّافِعِىِّ، وكَرِهَهُ مَالِكٌ. قال: لأنَّه فى مَعْنَى بَيْعٍ وسَلَفٍ إذا أقْبَضَهُ الثَّمَنَ ثم تَفاسَخا البَيْعَ، صار كأنه أقْرَضَهُ إيَّاهُ. ولنا، أنَّ هذا حُكْمٌ من أحْكامِ البَيْعِ، فجازَ فى مُدَّةِ الخِيارِ، كالإِجارَةِ، وما ذَكَرَهُ لا يَصِحُّ؛ لأنَّنَا [لا نُجِيزُ] (٣١) له التَّصَرُّفَ فيه.

فصل: قَوْلُ الخِرَقِىِّ: "أو مَاتَ" الظَّاهِرُ أنَّه أرادَ العَبْدَ، ورَدَّ الضَّمِيرَ إليه، وهو في معنَى قوله: "أو تَلِفَتِ السِّلْعَةُ". ويَحتَمِلُ أنَّه رَدَّ الضَّمِيرَ إلى المُشْتَرِى، وأرادَ إذا ماتَ المُشْتَرِى بَطَلَ الخِيارُ؛ لأنَّ مَوْتَ العبدِ قد تَناوَلَهُ بِقَوْلِه: "أو تَلِفَتِ السِّلْعَةُ". والحُكْمُ فى مَوْتِ البائِعِ والمُشْتَرِى واحِدٌ. والمذهبُ أنَّ خِيارَ المَيِّتِ منهما يَبْطُلُ بِمَوْتِه، ويَبْقَى خِيارُ الآخَرِ بحالِه، إلَّا أن يَكُونَ المَيِّتُ قد طالَبَ بِالفَسْخِ قبل مَوْتِه فيه (٣٢)، فيَكُونُ لِوَرَثَتِه. وهو قَوْلُ الثَّوْرِىِّ، وأبِى حنيفةَ. ويَتَخَرَّجُ أنَّ الخِيارَ لا يَبْطُلُ، ويَنْتَقِلُ إلى وَرَثَتِه؛ لأنَّه حَقٌّ مالِىٌّ، فَيَنْتَقِلُ إلى الوارِثِ، كالأجَلِ وخِيارِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، ولأنَّه حَقُّ فَسْخٍ لِلْبَيْعِ، فَيَنْتَقِلُ إلى الوارِثِ، كالرَّدِّ بِالعَيْبِ،


(٣١) فى: م "لم نجز".
(٣٢) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>