للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فشَهِدَ له سَيِّدُه، أو ابْنَا سَيِّدِه، أو أبَوَاهُ، لم تُقْبَلْ؛ لأنَّ السَّيِّدَ يَشْهَدُ (٦٨) لِعَبْدِه، وابْنَاهُ يَشْهَدَانِ لِعَبْدِ أبِيهِما، والأَبَوَانِ يَشْهَدَانِ لِعَبْدِ ابْنِهِما. فإن عُتِقَ، فأعَادَ الشَّهَادَةَ، فهل تُقْبَلُ؟ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.

فصل: إذا حَضَرَ رَجُلانِ عند الحاكِمِ، فأقَرَّ أحَدُهما أنَّ الآخَرَ وَكَّلَهُ، ثم غابَ المُوَكِّلُ، وحَضَرَ الوَكِيلُ، فقَدَّمَ خَصْمًا لِمُوَكِّلِه، وقال: أنا وَكِيلُ فُلانٍ. فأنكَرَ الخَصْمُ كَوْنَه وَكِيلَه، فإن قُلْنا: لا يَحْكُمُ الحاكِمُ بعِلْمِه. لم تُسْمَعْ دَعْوَاهُ حتى تَقُومَ البَيِّنَةُ بوَكَالَتِه. وإن قُلْنا: يَحْكُمُ بِعِلْمِه. وكان الحاكِمُ يَعْرِفُ المُوَكِّلَ بِعَيْنِه واسْمِه ونَسَبِه، صَدَّقَهُ، ومَكَّنَهُ من التَّصَرُّفِ؛ لأنَّ مَعْرِفَتَه كالبَيِّنَةِ. وإن عَرَفَهُ بِعَيْنِه دون اسْمِه ونَسَبِه، لم يَقْبَلْ قَوْلَه، حتى تَقُومَ البَيِّنَةُ عندَه بالوَكَالَةِ؛ لأنَّه يُرِيدُ تَثْبِيتَ نَسَبِه عندَه بقَوْلِه، فلم يقْبَلْ.

فصل: ولو حَضَرَ عندَ الحاكِمِ رَجُلٌ، فادَّعَى أنَّه وَكِيلُ فُلانٍ الغائِبِ، في شيءٍ عَيَّنَهُ، وأحْضَرَ بَيِّنةً تَشْهَدُ له بالوَكَالَةِ، سَمِعَها الحاكِمُ. ولو ادَّعَى حَقًّا لمُوَكِّلِه قبلَ ثُبُوتِ وَكَالَتِه، لم يَسْمَعِ الحاكِمُ دَعْوَاهُ. وبه قال مالِكٌ، والشّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَسْمَعُها إلَّا أن يُقَدِّمَ خَصْمًا من خُصَماءِ المُوَكِّلِ، فيَدَّعِى عليه حَقَّا، فإذا أجَابَ المُدَّعَى عليه حِينَئِذٍ يَسْمَعُ الحاكِمُ البَيِّنَةَ، فحَصَلَ الخِلافُ بيْنَنا في حُكْمَيْنِ؛ أحدهما، أنَّ الحاكِمَ عِنْدنَا يَسْمَعُ البَيِّنَةَ على الوَكَالَةِ مِن غير حُضُورِ خَصْمٍ (٦٩)، وعنده لا يَسْمَعُ. والثانى, أنَّه لا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِمُوَكِّلِه قبلَ ثُبُوتِ وَكَالَتِه، وعندَه تُسْمَعُ. وبَنَى أبو حنيفةَ على أصْلِه في أنَّ القضَاءَ على الغائِبِ لا يجوزُ، وسَمَاعُ البَيِّنَةِ بالوَكَالةِ (٧٠) من غيرِ خَصْمٍ قَضَاءٌ على الغائِبِ، وأنَّ الوَكَالَةَ لا تُلْزِمُ الخَصْمَ، ما لم يُجِبِ الوَكِيلُ عن


(٦٨) في الأصل، أ: "شهد".
(٦٩) في الأصل: "خصمين".
(٧٠) في أ: "بالوكيل".

<<  <  ج: ص:  >  >>