للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَزُولانِ ويَخْرُجُ غيرُهما، ولا يَنْقُضُ مَسُّهما الطَّهارةَ.

الفصلُ الثّانى: إذا طلَّقَها نِصفَ تطْليقةٍ، أو جُزْءًا منها وإِنْ قلَّ، فإنَّه يقعُ بها طلقةٌ كاملةٌ، فى قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ، إلَّا داودَ، قال: لا تَطْلُقُ بذلك. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَن أحْفظُ عنه من أهلِ العلمِ، على (٣) أنَّها تَطْلُقُ بذلك؛ منهم الشَّعْبىُّ، والحارِثُ العُكْلِىُّ، والزهْرِىُّ، وقَتادةُ، والشَّافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْىِ، وأبو عُبَيدٍ. قال أبو عُبَيْدٍ: وهو قولُ مالكٍ، وأهلِ الحجازِ، والثَّوْرىِّ، وأهلِ العراقِ، وذلك لأنَّ ذِكْرَ بعض ما لا يَتَبَعَّضُ [فى الطَّلاقِ] (٤) ذكرٌ لجميعِه، كما لو قال: نِصْفُك طالقٌ.

فصل: فإن قال: أنتِ طالقٌ نِصْفَىْ طَلْقةٍ. وقعَتْ طلقةٌ (٥)؛ لأنَّ نِصْفَىِ الشىءِ كُلُّه. وإن قال: ثلاثةَ أنْصافِ طَلْقةٍ. طَلُقَتْ طَلْقتَيْنِ؛ لأنَّ ثلاثةَ أنْصافٍ طلقةٌ ونصفٌ، فكُمِّلَ النِّصْفُ (٦)، فصارا طَلْقتينِ. وهذا وَجْهٌ لأصحابِ الشّافعىِّ. ولهم وَجْهٌ آخرُ، أنَّها لا تَطْلُقُ إلَّا واحدةً؛ لأنَّه جعلَ الأنْصافَ من طلقةٍ واحدةٍ، فَيَسْقُطُ ما ليس منها، وتقَعُ طَلْقةٌ. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّ إسْقاطَ الطَّلاقِ المُوقَعِ مِن الأهلِ فى المحلِّ لا سبيلَ إليه، وإنَّما الإِضافةُ إلى الطلقةِ الواحدةِ غيرُ صَحيحَةٍ (٧)، فلَغَتِ الإضافةُ. وإن قال: أنتِ طالقٌ نصفَ طَلْقَتينِ. طَلُقَتْ واحدةً؛ لأنَّ نِصفَ الطَّلقتَيْنِ طلقةٌ. وذكرَ أصحابُ الشَّافعىِّ وَجْهًا آخرَ، أنَّه يَقعُ طَلْقتانِ؛ لأنَّ اللَّفظَ يَقْتضِى النِّصفَ مِن كلِّ واحدةٍ منهما، ثم يُكَمَّلُ (٨). وما ذكَرْناه أوْلَى؛ لأنَّ التَّنْصِيفَ يَتَحقّقُ به، وفيه عَمَلٌ باليقينِ، وإِلْغاءُ الشَّكِّ، وإيقاعُ ما أوْقَعَه مِن غيرِ زيادةٍ، فكان أوْلَى. وإن قال: أنتِ


(٣) سقط من: أ.
(٤) سقط من: ب، م.
(٥) فى أ: "واحدة".
(٦) فى أ: "نصف".
(٧) فى ب، م: "صحيح".
(٨) فى الأصل: "كمل".

<<  <  ج: ص:  >  >>