للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٨٥ - مسألة؛ قال: (وَإنْ كَانَ طَائِرًا فَدَاهُ بِقِيمَتِهِ فِى مَوْضِعِهِ)

قَوْلُه: "بِقِيمَتِه في مَوْضِعِه" يَعْنِى يَجِبُ قِيمَتُه في المَكانِ الذى أَتْلَفَهُ فيه. ولا خِلافَ بين أَهْلِ العِلْمِ في وُجُوبِ ضَمانِ الصَّيْدِ من الطَّيْرِ، إلَّا ما حُكِىَ عن دَاوُدَ، أنَّه لا يَضْمَنُ ما كان أصْغَرَ من الحَمامِ؛ لأنَّ اللَّه تعالى قال: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}. وهذا لا مِثْلَ له. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}. وقيل في قَوْلِه تعالى: {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} (١): يَعْنِى الفَرْخَ والبَيْضَ وما لا يَقْدِرُ أن يَفِرَّ من صِغارِ الصَّيْدِ، {وَرِمَاحُكُمْ}: يَعْنِى الكِبَارَ. وقد رُوِىَ عن عمرَ، وابنِ عَبّاسٍ، رَضِىَ اللَّه عَنْهُما، أنَّهُما حَكَمَا في الجَرَادِ بِجَزَاءٍ. ودَلَالَةُ الآيَةِ على وُجُوبِ جَزَاءٍ غيرِه لا يَمْنَعُ من وُجُوبِ الجَزَاءِ في هذا بِدَلِيلٍ آخَرَ، وضَمَانُ غيرِ الحَمَامِ من الطَّيْرِ قِيمَتُه؛ لأنَّ الأصْلَ في الضَّمَانِ أن يَضْمَنَ بِقِيمَتِه، أو (٢) بما يَشْتَمِلُ عليها، بِدَلِيلِ سَائِرِ المَضْمُونَاتِ، لكن تَرَكْنَا هذا الأصْلَ لِدَلِيلٍ (٣)، ففيما عدَاهُ تَجِبُ القِيمَةُ بِقَضِيَّةِ الدَّلِيلِ، وتُعْتَبَرُ القِيمَةُ في مَوْضِعِ إتْلَافِه، كما لو أتْلَفَ مَالَ آدَمِىٍّ في مَوْضِعٍ قُوِّمَ في مَوْضِعِ الإِتْلَافِ، كذا هاهُنا.

فصل: ويَضْمَنُ بَيْضَ الصَّيدِ بِقِيمَتِه، أيَّ صَيْدٍ كان. قال ابنُ عَبّاسٍ: في بَيْضِ النَّعَامِ قِيمَتُه. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ، وابنِ مسعودٍ. وبه قال النَّخَعِيُّ، والزُّهْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ؛ لأنَّه يُرْوَى أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال فِى بَيْضِ النَّعَامِ [يُصِيبُه المُحْرِمُ: "ثَمَنُه". رواه ابن ماجه (٤). وإذا وجبَ في بَيْضِ النَّعامِ] (٥) قِيمَتُه، مع أنَّ النَّعَامَ من ذَوَاتِ الأمْثالِ، فغيرُه


(١) سورة المائدة ٩٤.
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) في ب، م: "بدليل".
(٤) تقدم تخريجه في صفحة ٣٩٧.
(٥) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>