للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحالةِ الموتِ؛ لأنَّها حالُ لُزومِ الوَصِيَّةِ، فتُعْتَبَرُ قيمةُ المالِ فيها. وهو قولُ الشَّافعىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. ولا أعلمُ فيه خِلافًا. فيُنْظَرُ؛ فإن كانَ المُوصَى به وقتَ الموتِ ثُلُثَ التَّرِكةِ، أو دُونَه، نفذَتِ الوَصِيَّةُ، واسْتحقَّه المُوصَى له كلَّه. فإن زادَتْ قِيمتُه حتى صارَ مُعادِلًا لسائرِ المالِ، أو أكثرَ منه، أو هلَكَ المالُ كلُّه سِوَاهُ، فهو للمُوصَى له، لا شىءَ للوَرثةِ فيه. وإن كانَ حينَ الموتِ زائدًا عن الثُّلُثِ، فللمُوصَى له منه قَدْرُ ثُلثِ المالِ. فإن كان نصفَ المالِ، فلِلْمُوصَى له ثُلُثاه. وإن كانَ ثُلُثَيْه، فللمُوصَى له نِصْفُه. وإن كانَ نِصْفَ المالِ وثُلُثَه (١)، فللمُوصَى له خُمُساه. فإن نقصَ بعدَ ذلك أو زادَ، أو نقصَ سائرُ المالِ أو زادَ، فليس للمُوصَى له سِوَى ما كانَ له حينَ الموتِ. فلو وَصَّى بعَبْدٍ قيمتُه مِائةٌ، وله مِائتان، فزادَتْ قِيمتُه بعدَ الموتِ حتَّى صارَ يُساوِى مِائتينِ، فهو للمُوصَى له كلُّه. وإن كانت قيمتُه حينَ الموتِ مائتينِ، للمُوصَى له ثُلُثاه؛ لأنَّهما ثُلُثُ المالِ. فإن نقَصَتْ قيمتُه بعدَ الموتِ حتى صارَ يُساوِى مِائةً، لم يَزِدْ حقُّ المُوصَى له عن ثُلثِه (٢) شيئًا، إلَّا أن يُجِيزَ الوَرثةُ. وإن كانت قيمتُه أربعَمائةٍ، فللمُوصَى له نصفُه، لا يُزادُ حقُّه عن ذلك، سَواءٌ نقصَ العبدُ أو زادَ، أو نقصَ المالُ أو زادَ.

فصل: والعَطايا في مَرضِه يُعْتَبرُ خُروجُها مِن الثُّلُثِ حينَ الموتِ. نَقَلَ صالحُ بنُ أحمدَ عن أبيه، في مَن له ألفُ دِرهمٍ، وعبدٌ قِيمتُه ألفٌ، فأَعتقَ العبدَ في مرضِ مَوتِه، وأنْفَقَ الدَّراهمَ: عتَقَ مِن العبدِ ثُلُثُه. فاعْتَبَر مالَه حينَ الموتِ من العَبدِ لا فيما قبلَه، فلمَّا لم يكُنْ له حينَ الموتِ إلَّا العبدُ، لم يَعْتِقْ منه إلَّا ثُلثُه، ولو لم يَتْلَفِ الألْفُ، لَعَتَقَ منه ثُلُثاه. ولو زادَ مالُه قبلَ موتِه حتى بلغَ ألْفَيْن، لَعَتَقَ العبدُ كلُّه لخُروجِه من


(١) في م: "وبثلثه".
(٢) في أ: "ثلثيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>