أتْلَفَه، وقَدْرُ أَرْشِ العَيْبِ قِسْطُ ما بين الصَّحِيحِ والمَعِيبِ من الثَّمَنِ، فَيُقَوَّمُ المَبِيعُ صَحِيحًا، ثم يُقَوَّمُ مَعِيبًا غيرَ مَكْسُورٍ، فيكونُ لِلْمُشْتَرِى قَدْرُ ما بينهما من الثَّمَنِ. على ما مَضَى شَرْحُه.
فصل: ولو اشْتَرَى ثَوْبًا فَنَشَرَه فوَجَدَه مَعِيبًا، فإن كان ممَّا لا يَنْقُصُه النَّشْرُ، رَدَّه، وإن كان يَنْقُصُه النَّشْرُ، كالهِسَنْجَانِىِّ (٣)، الذى يُطْوَى طاقَيْنِ مُلْتَصِقَيْنِ، جَرَى ذلكَ مَجْرَى جَوْزِ الهِنْدِ، على التَّفْصِيلِ المَذْكُورِ، فيما إذا لم يَزِدْ على ما يَحْصُلُ به اسْتِعْلامُ المَبِيعِ، أو زادَ، كَنَشْرِ مَن لا يَعْرِفُ. وإن أحَبَّ أخْذَ أرْشِه، فله ذلك بكلِّ حالٍ.
فصل: وإذا اشْتَرَى ثَوْبًا فصَبَغَه، ثم ظَهَرَ على عَيْبٍ، فله أَرْشُه لا غيرُ، وبهذا قال أبو حنيفةَ. وعن أحمدَ، أنَّ له رَدَّه. وأخْذَ زِيادَتِه بالصَّبْغِ؛ لأنَّها زِيادَةٌ، فلا تَمْنَعُ الرَّدَّ، كالسِّمَنِ والكَسْبِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّ هذا مُعاوَضَةٌ، فلا يُجْبَرُ البائِعُ على قَبُولِها، كسائِرِ المُعاوَضاتِ. وفارَقَ السِّمَنَ والكَسْبَ، فإنَّه لا يَأْخُذُ عن السِّمَنِ عِوَضًا، والكَسْبُ لِلْمُشْتَرِى لا يَرُدُّه، ولا يُعاوَضُ عنه. وإن قال البائِعُ: أنا آخُذُه، وأُعْطِى قِيمَةَ الصَّبْغِ. لم يَلْزَمِ المُشْتَرِىَ ذلك. وقال الشَّافِعِىُّ: ليس لِلْمُشْتَرِى إلَّا رَدُّه؛ لأنَّه أمْكَنَه رَدُّه، فلم يَمْلِكْ أخْذَ الأَرْشِ، كما لو سَمِنَ عَبْدُه، أو كَسَبَ. ولَنا، أنَّه لا يُمْكنُه رَدُّه، إلَّا بِرَدِّ شىءٍ مِن مالِه معه، فلم يَسْقُطْ حَقُّه من الأَرْشِ بِامْتِناعِه من رَدِّه، كما لو تَعَيَّبَ عندَه، فطَلَبَ البائِعُ أخْذَه مع أَرْشِ العَيْبِ الحادِثِ. والأصْلُ لا نُسَلِّمُه، فإنَّه يَسْتَحِقُّ أخْذَ الأَرْشِ إذا أرادَه بكلِّ حالٍ.
فصل: يَصِحُّ بَيعُ العَبْدِ الجانِى، سواءٌ كانت الجِنايَةُ، عَمْدًا أو خَطَأ، على النَّفْسِ وما دونَها، مُوجِبةً لِلقِصاصِ أو غيرَ مُوجِبَةٍ له. وبهذا قال أبو حنيفَةَ، والشَّافِعِىُّ فى أحد قَوْلَيْه، وقال فى الآخَرِ: لا يَصِحُّ بَيْعُه؛ لأنَّه تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِه حَقُّ آدَمِىٍّ، فمَنَعَ
(٣) نسبة إلى هسنجان، قرية بالرى. معجم البلدان ٤/ ٩٧٤.