للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَحِمِها، وقد حَصَلَ بحَيْضةٍ، ولهذا قال عليه السَّلامُ: "لَا تُوْطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ" (٣١). يعنى: تُعلَمُ بَراءتُها بحَيْضةٍ، ولأنَّ ما يُعْلَمُ به الْبَراءةُ فى حقِّ الأَمَةِ والحُرَّةِ واحدٌ؛ لأنَّه أمرٌ حقيقىٌّ لا يَختلِفُ بالحُرِّيَّةِ والرِّقِّ. وأمَّا العِدَّةُ، ففيها نوعُ تَعَبُّدٍ لا يَجوزُ أن يُعَدَّى بالْقياسِ. وهل تَعْتَدُّ (٣٢) بالاسْتِبْراءِ قبلَ عَقْدِ اليَمِينِ، أو بالحَيْضةِ التى حَلَفَ فيها؟ على وَجْهينِ، أصَحُّهما الاعْتِدادُ به؛ لأنَّه يَحْصُلُ به ما يَحْصُلُ بالاسْتِبْراءِ بعدَ اليَمينِ. والثَّانى، لا يُعْتَدُّ به؛ لأنَّ الاسْتِبْراءَ لا يَتقدَّمُ على سَببِه، ولأنَّه لا يُعْتَدُّ به فى اسْتِبْراءِ الأَمَةِ (٣٣). قال أحمدُ؛ إذا قال لامرأتِه: إذا حَبِلْتِ فأنتِ طالقٌ. يطأُها فى كلِّ طُهْرٍ مرَّةً. يعنى إذا حاضَتْ ثم طَهُرَتْ حلَّ وَطْؤُها؛ لأنَّ الحيضَ عَلَمٌ على بَراءتِها مِنَ الحَمْلِ، ووَطْؤُها سببٌ له، فإذا وَطِئَها اعْتزَلَها، لاحْتمالِ أن تكونَ قد حَمَلَتْ مِن وَطْئِه، فطَلُقَتْ به.

فصل: إذا قال: إن كنتِ حامِلًا بغُلامٍ فأنتِ طالقٌ واحدةً، وإن وَلَدْتِ أُنْثَى فأنتِ طالقٌ اثنتَيْنِ. فوَلَدَتْ غُلامًا، كانت حامِلًا به وقتَ اليمينِ. تَبَيَّنَّا أنَّها طَلُقَتْ واحدةً حِينَ حَلَفَ، وانقَضَتْ عِدَّتُها بوَضْعِه. وإن وَلَدَتْ أُنْثَى، طَلُقَتْ بولادتِها طَلْقتينِ، واعْتدَّتْ بالقُرُوءِ. وإن وَلَدَتْ غلامًا وجاريةً، وكان الغلامُ أوَّلَهما ولادةً، تَبَيَّنَّا أنَّها طَلُقَتْ واحدةً، وبانَتْ بوضعِ الجاريةِ، ولم تَطْلُقْ بها، وإن كانتِ الجاريةُ أوَّلَهما ولادةً، طَلُقَتْ ثلاثًا؛ واحدةً بحَمْلِ الغلامِ، واثنتَيْنِ بولادةِ الجاريةِ، وانْقَضَتْ عِدَّتُها بوَضْعِ الغلامِ. وإن قال لها: إن كنتِ حامِلًا بغلامٍ فأنتِ طالقٌ واحدةً، وإن كنتِ حاملًا بجاريةٍ، فأنتِ طالقٌ اثنتَيْنِ. فوَلَدَتْ غلامًا وجاريةً، طَلُقَتْ ثلاثًا. وإن قال: إن كان حَمْلُكِ غلامًا فأنتِ طالقٌ واحدةً، وإن كان حَمْلُكِ جاريةً فأنتِ طالقٌ اثنتَيْنِ. فوَلَدَتْ غلامًا وجاريةً، لم تَطْلُقْ؛ لأنَّ حَمْلَهَا كلَّه ليس بغلامٍ ولا هو جاريةٌ. ذكَره القاضى، فى


(٣١) تقدم تخريجه فى: ٩/ ٥٥٣.
(٣٢) فى م: "تعتدا".
(٣٣) فى الأصل: "المملوكة".

<<  <  ج: ص:  >  >>