للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يَكونَ من الثَّانى، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، تَطْلُقُ؛ لأنَّ الأصلَ عدمُ الحَمْلِ (٢٥) قبلَ الوَطْءِ. والثَّانى، لا تَطْلُقُ؛ لأنَّ اليَقينَ بقاءُ النِّكاحِ، فلا يَزولُ بِشَكٍّ واحْتمالٍ، ولا يَجوزُ للزَّوْجِ وَطؤُها قبلَ الاسْتِبْراءِ؛ لأنَّ الأصلَ عدمُ الحَمْلِ ووُقوعُ الطَّلاقِ، والاسْتِبْراءُ (٢٦) ههُنا بحَيْضةٍ، فإن وُجِدَتِ الحَيْضةُ على عادتِها، تَبَيَّنَّا وُقوعَ طلاقِها (٢٧)، وإن لم تَأْتِ فى عادتِها، كان ذلك دليلًا على حَمْلِها وحِلِّ وَطْئِها. وإن قال: إن كُنتِ حاملًا فأنتِ طالقٌ. فهى عَكْسُ المسألةِ التى قبلَها، ففى الموضعِ الذى يَقَعُ الطَّلاقُ ثَمَّ لا يَقَعُ ههُنا، وفى الموضعِ الذى لا يَقَعُ ثَمَّ يَقَعُ ههُنا، إلَّا أنَّها إذا أتتْ بولدٍ لأكثرَ من سِتَّةِ أشهُرٍ، من حينِ وَطْءِ الزَّوجِ بعدَ اليمينِ، ولأقلَّ من أربعِ سِنينَ من حينِ عَقْدِ الصِّفَةِ، لم تَطْلُقْ؛ لأنَّ تَعَيُّنَ النِّكاحِ باقٍ، والظَّاهرُ حدوثُ الولدِ من الوطءِ؛ لأنّ الأصلَ عَدَمُه قبلَه. ولا يَحِلُّ له الوَطْءُ حتى يَسْتبْرِئَها. نَصَّ عليه أحمدُ. قال القاضى: يَحْرُمُ الوَطْءُ، سواءٌ قُلْنا: الرَّجْعِيَّةُ مُباحةٌ أو مُحَرَّمةٌ؛ لأنَّه يَمْنعُ المعرفةَ بوُقوعِ الطَّلاقِ وعَدَمِه. وقال أبو الخطَّابِ: فيه روايةٌ أُخْرَى، لا يَحْرُمُ الوَطْءُ؛ لأنَّ الأصْلَ بقاءُ النِّكاحِ، وبَراءةُ الرَّحِمِ مِنَ الحَمْلِ. وإذا اسْتَبْرأها، حَلَّ وَطْؤُها على الرِّوايتَيْنِ. ويكونُ الاسْتِبْراءُ بحَيْضةٍ. قال أحمدُ، فى روايةِ أبى طالبٍ: إذا قال لامرأتِه: متى حَمَلْتِ فأنتِ طالقٌ. لا يَقْرَبُها حتى تَحِيضَ، فإذا طَهُرَتْ وَطِئَها، فإن تَأخَّرَ حَيْضُها أُرِيَتِ النِّساءَ مِن أهلِ المعرفةِ، فإن لم يُوجَدْنَ أو خَفِىَ عَلَيْهِنَّ، انْتَظَرَ عليها تسعةَ أشهُرٍ غالبَ مُدَّةِ الحَمْلِ. وذكرَ القاضى فيها روايةً أُخْرَى، أنَّها تُسْتَبْرأُ بثلاثةِ قُرُوءٍ (٢٨)؛ لأنَّه (٢٩) اسْتِبْراءُ الحُرَّةِ (٣٠). وهو أحدُ الوَجْهينِ لأصْحابِ الشّافعىِّ. والصَّحيحُ ما ذكَرْناه؛ لأنّ المقصودَ معرفةُ بَراءةِ


(٢٥) فى الأصل، ب: "الولد".
(٢٦) فى ب، م: "وإلا استبرأها".
(٢٧) فى أ: "الطلاق".
(٢٨) فى ب، م: "أقراء".
(٢٩) فى أ، م: "ولأنه".
(٣٠) فى الأصل: "لحرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>