للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى بعضِ العَصْرِ (٢٥)، لَجازَ فى جَميعِه، ورَأْىُ المُوافِقِ (٢٦) فى زَمَنِ الاتِّفاقِ، خيرٌ من رَأْيِه فى الخلافِ بَعْدَه، فيكونُ الاتّفاقُ حُجَّةً على المُخالِفِ له منهم، كما هو حُجَّةٌ على غيرِه. فإنْ قيلَ: لو كانَ الاتِّفاقُ فى بعضِ العَصْرِ (٢٥) إجْماعًا، حَرُمَت مُخالَفَتُه، فكيف مخالَفَه هؤلاء الأَئِمَّةُ، الذين لا تجوزُ نِسْبَتُهم إلى ارْتكابِ الحَرامِ؟ قُلْنا: الإِجْماعُ يَنْقَسِم إلى مَقْطوعٍ به ومَظْنُونٍ، وهذا من المَظْنُونِ، فيُمْكِنُ وُقوعُ المُخالَفَةِ منهم له، مع كَوْنِه حُجَّةً، كما وَقَعَ منهم مُخالَفَةُ النُّصُوصِ الظَّنيَةِ، ولم (٢٧) تخْرُجْ بمُخالَفَتِهم (٢٨) عن كونِها حُجَّة، كذا ههُنا. فأمَّا قولُ جابِرٍ: بِعْنا أُمَّهاتِ الأوْلادِ فى عَهْدِ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبى بَكْرٍ. فليس فيه تصْرِيحٌ بأَنَّه كان بِعِلْمِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا عِلْمِ أبى بَكْرٍ، فيكونُ ذلك واقِعًا مِن فِعْلِهم على انْفِرادِهم، فلا يكونُ فيه حُجَّةٌ، ويتعَيَّنُ حَمْلُ الأمْرِ على هذا؛ لأَنَّه لو كانَ هذا (٢٩) واقِعًا بعِلْمِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبى بكرٍ، وأقَرَّا عليه، لم تَجُزْ مُخالَفَتُه، ولم يُجْمِعِ الصَّحابَةُ بعدَهُما على مُخالَفَتِهما، ولو فعلُوا ذلك، لم يَخْلُ مِن مُنْكِرٍ يُنْكِرُ عليهم، ويَقولُ: كيف يُخالِفُون فِعْلَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفعلَ صاحِبِه؟ كيف يتْرُكُونَ سُنَتّهَما، ويُحَرِّمُونَ ما أَحَلَّا (٣٠)؟ ولأنَّه لو كان ذلك واقِعًا بعِلْمِهما، لاحْتَجَّ به علىٌّ حينَ رَأى بَيْعَهنَّ، واحْتَجَّ به كُلُّ مَنْ وافَقَه على بَيْعهِنَّ، ولم يَجْرِ شىءٌ من هذا، فوجَبَ أَنْ يُحْمَلَ الأَمْرُ على ما حَمَلْناه عليه، فلا يكونُ فيه (٢٩) إذًا حجَّةٌ. ويَحْتَمِلُ أنَّهم باعُوا أُمَّهاتِ الأَوْلادِ فى النِّكاحِ، لا فى المِلْكِ.

فصل: ومَنْ أجاز بَيْعَ أُمِّ الولدِ، فعلى قولِه، إِنْ لم يَبِعْها حتى مات، ولم يكُنْ له وارِثٌ إلَّا ولدَها، عَتَقَتْ عليه، وإِنْ كان له (٣١) وارِثٌ سِوَى ولدِها، حُسِبَتْ مِن نَصِيبِ ولدِها،


(٢٥) فى الأصل: "العصور".
(٢٦) فى الأصل: "الموافقة".
(٢٧) فى م: "ولا".
(٢٨) فى أ: "لمخالفتهم".
(٢٩) سقط من: الأصل.
(٣٠) فى م زيادة: "من هذا".
(٣١) فى الأصل، م: "لها".

<<  <  ج: ص:  >  >>