للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ من سَيِّدها، فَهِىَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ". وقال ابنُ عبَّاسٍ: ذُكِرَتْ أُمُّ إبراهيمَ عندَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "أَعْتَقَهَا وَلَدُها". روَاهما ابنُ ماجَه (١٩). وذكَر الشَّرِيفُ أبو جعفرٍ، فى "مسائِله"، عن ابنِ عمرَ، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه نَهَى عن بَيْعِ أُمَّهات الأولادِ، ولا يُبَعْنَ، ولا يُرْهَنَّ، ولا يَرِثْنَ، ويَسْتَمْتِعُ بها سَيِّدُها ما بَدَا له، فإنْ ماتَ، فهى حُرَّةٌ (٢٠). وهذا فيما أظُنُّ عن عمرَ، ولا يصِحُّ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولأَنَّه إجماعُ الصَّحابَةِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، بدليلِ قَوْلِ علىٍّ كرَّمَ اللَّه وَجْهَه: كان رَأْيِىِ ورَأْىُ عمرَ، أَنْ لا تُباعَ أُمَّهاتُ الأوْلادِ. وقوله: فَقَضَى به عمرُ حياتَه وعثمانُ حياتَه. وقولِ عَبِيدَةَ: رَأىُ علىٍّ وعمرَ فى الجماعَةِ، أحَبُّ إلينا من رَأْيِه وَحْده. ورَوَى عِكْرِمَةُ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، قال: قال (٢١) عمرُ، رضِىَ اللَّهُ عنه: ما من رَجُلٍ كان يُقِرُّ بأَنَّه يَطَأُ جارِيَتَه، ثم يموتُ، إِلَّا أعْتَقَها وَلَدُها إذا وَلَدَتْ، وإِنْ كان سَقطًا (٢٢). فإن قيل: فكيف تَصِحُّ دَعْوَى الإِجْماعِ، مع مُخالَفِةِ علىٍّ وابنِ عَبَّاسٍ وابنِ الزُّبَير، رَضِىَ اللَّهُ عنهم؟ قُلْنا: قد رُوِىَ عنهم الرُّجوعُ عن المُخالَفَةِ، فرَوَى (٢٣) عَبِيدَةُ، قال: بَعَثَ إلىَّ علىٌّ وإلى شُرَيْحِ، أن اقْضُوا كما كُنْتُم تَقْضُونَ، فإنِّى أُبْغِضُ الاخْتلافَ (٢٤). وابنُ عبّاسٍ قال: ولدُ أُمِّ الولدِ بمَنْزِلَتِها. وهو الرَّاوِى لحديثِ عِتْقِهِنَّ، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعَنْ عمرَ، فيَدُلُّ على مُوافَقَتِه لهم. ثم قد ثَبَتَ الإِجْماعُ باتِّفاقِهم قبلَ المُخالَفَةِ، واتَّفاقُهم مَعْصومٌ عن الخَطَأِ، فإِنَّ الأُمَّةَ لا تَجْتَمِعُ على ضَلالَةٍ، ولا يجوزُ أَنْ يَخْلُوَ زمنٌ عن قائِمٍ للَّهِ بحُجَّتِه، ولو جازَ ذلك


(١٩) الأول فى: باب أمهات الأولاد، من كتاب العتق. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٤١.
كما أخرجه الدارمى، فى: باب بيع أمهات الأولاد، من كتاب البيوع. سنن الدارمى ٢/ ٢٥٧. والإِمام أحمد، فى: المسند ١/ ٣٢٠.
والثانى تقدم تخريجه، فى صفحة ٥٨٠.
(٢٠) وأخرجه الدارقطنى، فى: كتاب المكاتب. سنن الدارقطنى ٤/ ١٣٤.
(٢١) سقط من: ب، م.
(٢٢) أخرجه البيهقى، فى: باب الرجل يطأ أمته بالملك فتلد له، من كتاب عتق أمهات الأولاد. السنن الكبرى ١٠/ ٣٤٦. وسعيد، فى: باب ما جاء فى أمهات الأولاد، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ٦٢.
(٢٣) فى م: "فقد روى".
(٢٤) أخرجه وكيع فى: أخبار القضاة ٢/ ٣٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>