للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعنها قالتْ: كان رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يَخْتِمُ القُرْآنَ في أَقَلَّ من ثَلَاثٍ. رَوَاهُ أبو عُبَيْدٍ، في "فَضَائِل القُرْآنِ". وقال ابنُ مسعودٍ: من قَرَأً القُرْآنَ في أقَلَّ من ثَلَاثٍ، [فهَذٌّ كهَذِّ] (٥٤) الشِّعْر، ونثْر كنَثْرِ الدَّقَلِ (٥٥).

فصل: كَرِهَ أبو عبدِ اللهِ القِرَاءَةَ بالألْحَانِ، وقال: هي بِدْعَةٌ؛ وذلك لما رُوِىَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه ذَكَرَ في أشْرَاطِ السَّاعَةِ أنْ يُتَّخَذَ القرَآنُ مَزَامِير، يُقَدِّمُونَ أحَدَهُم ليس بأقْرَئِهِمْ ولا أَفْضَلِهِمْ إلَّا لِيُغنِّيَهم غِنَاءً (٥٦). ولأنَّ القُرآنَ مُعْجِزٌ في لَفْظِه ونَظْمِهِ، والأَلْحانُ تُغَيِّرُه. وكَلَامُ أحمدَ فى هذا مَحْمُولٌ على الإِفْرَاطِ في ذلك، بِحَيْثُ يَجْعَلُ الحَرَكَاتِ حُرُوفًا، ويَمُدُّ في غيرِ مَوْضِعِه، فأمَّا تَحْسِينُ القِرَاءَةِ والتَّرْجِيعُ فغير مَكْرُوهٍ؛ فإنَّ عبدَ اللهِ بن المُغَفَّلِ قال: سعتُ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَوْمَ فَتْحِ مكَّةَ يَقْرأُ سُورَةَ الفَتْحِ. قال: فَقَرَأ ابنُ المُغَفَّلِ، ورَجَّعَ في قِرَاءَتِه، وفى لَفْظٍ قال: قَرَأ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عامَ الفَتْحِ في مَسِيرٍ له سُورَةَ الفَتْحِ على رَاحِلَتِه، فَرَجَّعَ في قِرَاءَتِه. قال مُعَاوِيةُ بن قُرَّةَ: لَوْلَا أنِّى أخافُ أن تَجْتَمِعَ عَلىَّ النَّاسُ لَحَكَيْتُ لكم قِرَاءَتَهُ. رَوَاهُما مُسْلِمٌ (٥٧). وفى بعض الأَلْفَاظِ فقال: "أأأ". ورَوَى أبو هُرَيْرَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- "ما أَذِنَ اللهُ لِشَىْءٍ كَإذْنِه لِنَبِىٍّ (٥٨) حَسَنِ


(٥٤) في أ، م: "فهذه كهذا" والهذّ: سرعة القراءة.
(٥٥) الدقل: أردأ التمر.
(٥٦) انظر: مسند الإمام أحمد ٣/ ٤٩٤ وانظر: غريب الحديث، لأبي عبيد ٢/ ١٤١.
(٥٧) في: باب ذكر قراءة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سورة الفتح يوم فتح مكة، من كتاب صلاة المسافرين صحيح مسلم ١/ ٥٤٧. والبخاري، في: باب أين ركز النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الراية يوم الفتح، من كتاب المغازى، وفى: باب القراءة على الدابة، من كتاب فضائل القرآن، وفى: باب ذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وروايته عن ربه، من كتاب التوحيد. صحيح البخاري ٥/ ١٨٧، ٦/ ٢٣٨، ٩/ ١٩٢. وأبو داود، في: باب استحباب الترتيل في القرآن، من كتاب الوتر. سنن أبي داود ١/ ٣٣٨. والإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ٥٤ - ٥٦.
(٥٨) من هنا إلى "الصوت" سقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>