للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلَى الوَارِثِ مُؤْنَةُ المَوْرُوثِ؛ لأنَّه يَلْزَمُه مُؤْنَتُهُ، فَيُغْنِيهِ بِزَكَاتِه عن مُؤْنَتِه، ويَعُودُ نَفْعُ زَكاتِه إليه، فلم يَجُزْ، كدَفْعِها إلى والِده، أو قضاءِ دَيْنِه بها. والحَدِيثُ يَحْتَمِلُ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ، فيُحْمَلُ عليها. فعلَى هذا إن كان أحَدُهما يَرِثُ الآخَرَ، ولا يَرِثُه الآخَرُ، كالعَمَّةِ مع ابْنِ أخيها، والعَتِيقِ مع ابنِ (٥) مُعْتِقِه، فعلَى الوَارِثِ منهما نَفَقَةُ مَوْرُوثِه (٦)، ولَيْسَ له دَفْعُ زَكَاتِه إليه، وليس على المَوْرُوثِ منهما نَفَقَةُ وَارِثِه، ولا يُمْنَعُ من دَفْعِ زَكَاتِه إليه، لِانْتِفَاءِ المُقْتَضِى لِلْمَنْعِ. ولو كان الأخَوَانِ لأحَدِهما ابْنٌ، والآخَرُ لا وَلَدَ له، فعلَى أبي الابْنِ نَفَقَةُ أخِيهِ، وليس له دَفْعُ زَكَاتِه إليه، ولِلَّذِي (٧) لا وَلَدَ له، له دَفْعُ زَكَاتِه إلى أخِيهِ، ولا يَلْزَمُه نَفَقَتُهُ؛ لأنَّه مَحْجُوبٌ عن مِيرَاثِه. ونحوُ هذا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ. فأمَّا ذَوُو الأرْحَامِ في الحالِ التي يَرِثُونَ فيها، فيجوزُ دَفْعُها إليهم، في ظَاهِرِ المذهبِ؛ لأنَّ قَرَابَتَهم ضَعِيفَةٌ، لا يَرِثُ بها مع عَصَبَةٍ، ولا ذِي فَرْضٍ، غيرُ أحَدِ الزَّوْجَيْنِ، فلم تَمْنَعْ دَفْعَ الزَّكاةِ، كقَرَابَةِ سَائِرِ المُسْلِمِينَ، فإنَّ مَالَهُ يَصِيرُ إليهم، إذا لم يَكُنْ له وَارِثٌ.

٤٢٥ - مسألة؛ قال: (ولَا لِلزَّوْجِ، ولَا لِلزَّوْجَةِ)

أمَّا الزَّوْجَةُ فلا يجوزُ دَفْعُ الزَّكاةِ إليها إجْماعًا. قال ابْنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ علَى أنَّ الرَّجُلَ لا يُعْطِي زَوْجَتَهُ من الزكاةِ؛ وذلك لأنَّ نَفَقَتَها وَاجِبَةٌ عليه، فتَسْتَغْنِى بها عن أخْذِ الزَّكاةِ، فلم يَجُزْ دَفْعُها إليها، كما لو دَفَعَها إليها على سَبِيلِ الإنْفاقِ عليها. وأما الزَّوْجُ، ففيهِ رِوَايتانِ: إحْدَاهما، لا يجوزُ دَفْعُها إليه. وهو اخْتِيَارُ أبي بكرٍ، ومذهبُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه أحَدُ الزَّوْجَيْنِ، فلم يَجُزْ للآخَر دَفْعُ زَكَاتِه إليه كالآخَرِ، ولأنَّها تَنْتَفِعُ بِدَفْعِها إليه؛ لأنَّه إن كان عَاجِزًا عن الإنْفَاقِ عليها،


(٥) سقط من: أ، ب، م.
(٦) في أ، م: "مورثه".
(٧) في أ، م: "والذي".

<<  <  ج: ص:  >  >>