للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قِيلَ: إذا عَلَّقَ عِتْقَ عبدِه على فِعْلٍ فى وقتٍ، ففَعَلَه فى غَيرِه، لم يَعْتِقْ، فكذلك إذا قال: إذا أذَيْتَ إلىَّ أَلْفًا فى رمضانَ. فأَدَّاه فى شعبانَ، لم يَعْتِقْ. قلْنا: تلك صِفَةٌ مُجَرَّدةٌ، لا يَعْتِقُ إِلَّا بوُجُودِها، والكِتابةُ مُعاوَضةٌ يَبْرَأُ فيها بأداءِ (٧) العِوَضِ، فافْتَرَقا، وكذلك لو أَبْرَأه من العِوَضِ فى الكتابةِ (٨)، عَتَقَ، ولو أَبْرَأهُ مِن المالِ فى الصِّفَةِ المُجَرَّدةِ، لم يَعْتِقْ. والأوْلَى، إن شاءَ اللَّهُ تعالى ما قالَه القاضى، فى أَنَّ ما كان فى قَبْضِه ضَرَرٌ، لم يَلْزَمْه قَبْضُه، ولم يَعْتِقْ ببَذْلِه؛ لما ذكَره من الضَّرَرَ الذى لم يَقْتَضِه العَقْدُ، وخبرُ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، لا دَلالةَ فيه على وُجُوبِ قَبْضِ ما فيه ضَرَرٌ، ولأنَّ أصْحابَنا قالوا: لو لَقِيَه فى بَلَدٍ آخرَ، فدَفَعَ إليه نُجُومَ الكِتابةِ أو بعضَها، فامْتَنعَ من أخْذِها لضَرَرٍ فيه، من خَوْفٍ، أو مُؤْنةِ حَمْلٍ، لم يَلْزَمْه قَبُولُه؛ لما عليه من الضَّرَرِ فيه، وإن لم يكُنْ فيه ضَرَرٌ، لَزِمَه قَبْضُه. كذا ههُنا. وكلامُ أحمدَ، رحمَه اللَّهُ، مَحْمولٌ على ما إذا لم يكُنْ فى قَبْضِه ضَرَرٌ، وكذلك قولُ الْخِرَقِىِّ وأبى بكرٍ.

فصل: وإذا أحْضَرَ المُكاتَبُ مالَ الكِتابةِ، أو بعضَه، ليُسَلِّمَه، فقال السَّيِّدُ: هذا حَرامٌ، أو غَصْبٌ، لا أقْبَلُه منك. سُئِلَ العبدُ عن ذلك، فإِن أقَرَّ به، لم يَلْزَمِ السَّيِّدَ قَبُولُه؛ لأَنَّه لا يَلْزَمُه أخْذُ المُحَرَّمِ، ولا يجوزُ له، وإِنْ أَنْكَرَ، وكانت للسَّيِّدِ بَيِّنَةٌ بدَعْواه، لم يَلْزَمْه قَبُولُه، وتُسْمَعُ بَيِّنَتُه؛ لأنَّ له حَقًّا فى أَنْ لا يَقْتَضِىَ دَيْنَه من حَرامٍ، ولا (٩) يَأْمَنُ (١٠) أَنْ يَرْجِعَ صَاحِبُه عليه به، وإن لم تكُنْ له بَيِّنَةٌ، فالقوُل قولُ العبدِ مع يَمِينِه، فإنْ نَكَلَ عن اليَمِينِ، لم يَلْزَمِ السَّيِّدَ قبولُه أيضًا، وإن حَلَفَه، قيل للسَّيِّدِ؛ إمَّا أن تَقْبِضَه، وإمَّا أن تُبْرِئَه ليَعْتِقَ. فإنْ قَبَضَه، وكان تَمامَ كِتابَتِه، عَتَقَ، ثمَّ يُنْظَرُ، فإِن ادَّعَى أنَّه حَرَامٌ مُطْلَقًا، لم يُمْنَعْ منه؛ لأَنَّه لا (١١) يُقِرُّ به لأحَدٍ، وإنَّما تَحْرِيمُه فيما بَيْنَه وبينَ اللَّهِ تعالى، وإن ادَّعَى أنَّه غَصَبَه من فلانٍ، لَزِمَه دَفْعُه إليه (١٢)؛ لأنَّ قَوْلَه: وإن لم يُقْبَلْ فى حَقِّ المُكاتَبِ، فإنَّه يُقْبَلْ فى حَقِّ


(٧) فى الأصل: "بأدائها".
(٨) فى م: "المكاتبة".
(٩) فى الأصل: "أو لا".
(١٠) فى م زيادة: "من".
(١١) فى أ، ب: "لم".
(١٢) فى م زيادة: "إن ادعاه".

<<  <  ج: ص:  >  >>