للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالدَّعْوَى، ثم جاءَ آخَرُ فَادَّعاهُ، لم يَزُلْ نَسَبُه عن الأوَّلِ؛ لأنَّه حُكِمَ له (٤٥) به، فلا يَزُولُ بمُجَرَّدِ الدَّعْوَى. فإن أَلْحَقَتْهُ به القافَةُ، لَحِقَ به، وانْقَطَعَ عن الأوَّلِ؛ لأنَّها بَيِّنةٌ [في إلْحَاقِ النَّسَبِ، ويَزُولُ بها الحُكْمُ الثَّابِتُ بمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، كالشَّهَادَةِ.

فصل] (٤٦): وإذا ادَّعاهُ اثْنانِ، فأَلْحَقَتْهُ القافَةُ بهما، لَحِقَ بهما، وكان ابْنَهُما، يَرِثُهُما مِيرَاثَ ابْنٍ، ويَرِثَانِه جَمِيعًا مِيرَاثَ أبٍ واحدٍ. وهذا يُرْوَى عن عمرَ، وعلىٍّ، رَضِىَ اللهُ عنهما. وهو قولُ أبى ثَوْرٍ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: يُلْحَقُ بهما بمُجَرَّدِ الدَّعْوَى. وقال الشافِعِىُّ: لا يُلْحَقُ بأَكْثَرَ من والدٍ، فإذا ألْحَقَتْهُ بهما سَقَطَ قَوْلُهما، ولم يُحْكَمْ لهما. واحْتجَّ برِوَايةٍ عن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّ القافَةَ قالت: قد اشْتَرَكَا فيه. فقال عُمَرُ: وَالِ أيَّهما شِئْتَ. ولأنَّه لا يُتَصَوَّرُ كَوْنُه من رَجُلَيْنِ، فإذا ألْحَقَتْهُ القافَةُ بهما، تَبَيَّنَّا كَذِبَهُما، فسَقَطَ قَوْلُهما، كما لو أَلْحَقَتْهُ بأُمَّيْنِ (٤٧)، ولأن المُدَّعِيَيْنِ (٤٨) لو اتَّفَقَا على ذلك، لم يَثْبُتْ، ولو ادَّعاهُ كلُّ واحدٍ منهما، وأقَامَ بَيِّنَةً، سَقَطَتَا، ولو جازَ أن يُلْحَقَ بهما، لَثَبَتَ باتِّفَاقِهِما، وألْحِقَ بهما عندَ تَعَارُضِ بَيِّنَتِهما. ولَنا، ما رَوَى سَعِيدٌ، في "سُنَنِه": ثنا سُفْيانُ، عن يَحْيَى بن (٤٩) سَعِيدٍ، عن سليمانَ بن يَسَارٍ، عن عمرَ، في امْرَأةٍ وَطِئَها رَجُلانِ في طُهْرٍ، فقال القائِفُ: قد اشْتَرَكَا فيه جَمِيعًا. فجَعَلَه بينهما (٥٠). وبإسْنَادِه عن الشَّعْبِىِّ قال: وعلىٌّ يقول: هو ابْنُهُما، وهما أبَوَاه، يَرِثُهُما ويَرِثَانِه (٥١). ورَوَاهُ الزُّبَيْرُ بن بَكَّارٍ، بإسْنادِه عن عمرَ. وقال


(٤٥) سقط من: الأصل.
(٤٦) سقط من: الأصل.
(٤٧) في الأصل: "باثنين".
(٤٨) في الأصل: "المتداعيين".
(٤٩) في م: "عن". وانظر: الموطأ ٢/ ٧٤٠.
(٥٠) وأخرجه الإِمام مالك، في: باب القضاء بإلحاق الولد بأبيه، من كتاب الأقضية. الموطأ ٢/ ٧٤٠، ٧٤١. والبيهقي، في: باب القافة ودعوى الولد، من كتاب الدعوى والبينات. السنن الكبرى ١٠/ ٢٦٣.
(٥١) انظر: إرواء الغليل ٦/ ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>