للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَأْخُذَ منها قَدْرَ حَقِّه؛ لأنَّه لم يَأْذَن له فى مُصارَفَةِ نَفْسِه، ولأنَّه مُتَّهَمٌ. ولو باعَ جارِيَةً بِدنانيرَ، فأخَذَ بها دراهمَ، فَرُدَّتِ الجارِيةُ بِعَيْبٍ أو إقالَةٍ، لم يَكُنْ لِلْمُشْتَرِى إلَّا الدَّنانيرُ؛ لأنَّه الثَّمَنُ الذى وَقَعَ عليه العَقْدُ، وإنَّما أخَذَ الدراهمَ بِعَقْدِ صَرْفٍ مُسْتَأْنَفٍ. نَصَّ أحمدُ على هذه المَسائِلِ.

فصل: إذا كانَ عليه دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ، فقال لِغَريمِهِ: ضَعْ عَنِّى بعضَهُ، وأُعَجِّلُ لك بَقِيَّتَهُ. لم يَجُزْ. كَرِهَهُ زَيْدُ بنُ ثابِتٍ، وابنُ عمرَ، والمِقْدادُ (١٦)، وسعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وسالِمٌ، والحَسَنُ، وحَمَّادٌ، والحَكَمُ، والشَّافِعِىُّ، ومَالِكٌ، والثَّوْرِىُّ، وهُشَيْمٌ (١٧)، وابنُ عُلَيَّةَ (١٨)، وإسحاقُ، وأبو حنيفةَ. وقال المِقْدادُ لِرَجُلَيْنِ فَعَلَا ذلك: كلاكما (١٩) قد آذَنَ بِحَرْبٍ من اللهِ ورَسولِه. وَرُوِىَ عن ابنِ عبّاسٍ: أنَّه لم يَرَ به بَأْسًا. وَرُوِىَ ذلك عن النَّخَعِىِّ، وأبِى ثَوْرٍ؛ لأنَّه آخِذٌ لِبَعْضِ حَقِّهِ، تارِكٌ لِبَعْضِه، فجازَ، كما لو كان الدَّيْنُ حالًّا. وقال الخِرَقِىُّ: لا بَأْسَ أن يُعَجِّلَ المُكاتَبُ لِسَيِّدِه، ويَضَعَ عنه بعضَ كِتابَتِهِ. ولنَا، أنَّه بَيْعُ الحُلولِ، فلم يَجُزْ، كما لو زادَه الذى له الدَّيْنُ، فقال له: أُعْطيكَ عَشرَةَ دراهمَ وتُعَجِّلُ لى المائَةَ التى عليكَ. فأمَّا المُكاتَبُ فإنَّ مُعامَلَتَهُ مع سَيِّدهِ، وهو يَبيعُ بعضَ (٢٠) مَالِه بِبَعْضٍ، فدَخَلَتِ المُسامَحَةُ فيه. ولأنَّه سَبَبٌ لِلْعِتْقِ، فَسومِحَ فيه، بخِلافِ غيرِه.


(١٦) المقداد بن الأسود الكندى، هو ابن عمرو بن ثعلبة، توفى سنة ثلاث وثلاثين فى خلافة عثمان. الإِصابة ٦/ ٢٠٤.
(١٧) هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمى أبو معاوية بن أبى خازم الواسطى، ولد فى سنة خمس، ومات فى شعبان سنة ثلاث وثمانين ومائة. وكان ثقة ثبتا. تهذيب التهذيب ١١/ ٦٤.
(١٨) إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدى مولاهم أبو بِشْر البصرى، المعروف بابن علية، ثقة ثبت. مات سنة ١٩٣ هـ. تهذيب التهذيب ١/ ٢٧٥ - ٢٧٩.
(١٩) وقع هذا بعد قوله: "الثورى" السابق، فى: م.
(٢٠) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>