للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كان الأَرْشُ لا يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَه، بِعْنَا منه بِقَدْرِ أرْشِ الجِنَايَةِ، يكونُ رَهْنًا عندَ مُرْتَهِنِ المَجْنِيِّ عليه، وبَاقِيه بَاقٍ عندَ مُرْتَهِنِه، وإن لم يُمْكِنْ بَيْعُ بعضِه، بِيعَ جَمِيعُه، وقُسِمَ ثَمَنُه بينهما على حَسَبِ ذلك، يكونُ (٨) رَهْنًا. وإن كانت الجِنَايَةُ تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَه، نُقِلَ الجانِى، فجُعِلَ رَهْنًا عند الآخَرِ. ويَحْتَمِلُ أن يُبَاعَ، لِاحْتِمَالِ أن يَرْغَبَ فيه رَاغِبٌ أكْثَر من ثَمَنِه، فيَفْضُلُ من قِيمَتِه شىءٌ يكون رَهْنًا عندَ مُرْتَهِنِه. وهذا كلُّه قولُ الشَّافِعِيِّ.

فصل: فإن كانت الجِنَايَةُ على مَوْرُوثِ سَيِّدِه فيما دون النَّفْسِ، كأَطْرَافِه أو مَالِه، فهى كالجِنَايَةِ على أجْنَبِيٍّ، وله القِصَاصُ إن كانت مُوجِبَةً له، والعَفْوُ على مالِ غيرِه، وإن كانت مُوجِبَةً للمالِ ابْتِدَاءً، ثَبَتَ، فإن انْتَقَلَ ذلك إلى السَّيِّدِ بمَوْتِ المُسْتَحِقِّ، فله ما لِمُوَرِّثِه من القِصَاصِ والعَفْوِ على مالٍ؛ لأنَّ الاسْتِدَامَةَ أقْوَى من الابْتِدَاءِ، فجَازَ أن يَثْبُتَ بها ما لا يَثْبُتُ في الابْتِدَاءِ، وإن كانت الجِنَايَةُ على نَفْسِه بالقَتْلِ، ثَبَتَ الحُكْمُ لِسَيِّدِه، وله أن يَقْتَصَّ فيما يُوجِبُ القِصَاصَ. وإن عَفَا على مالٍ، أو كانت الجِنَايَةُ مُوجِبَةً للمالِ ابْتِدَاءً، فهل يَثْبُتُ لِلسَّيِّد؟ فيه وَجْهَانِ؛ أحَدُهما، يَثْبُتُ. وهو قولُ بعضِ أصْحابِ الشَّافِعِيِّ؛ لأنَّ الجِنَايَةَ على غيرِه، فأشْبَهَتِ الجِنَايَةَ على ما دون النَّفْسِ. والثانى، لا يَثْبُتُ له مالُه في عَبْدِه، ولا له العَفْوُ عليه. وهو قولُ أبي ثَوْرٍ؛ لأنَّه حَقٌّ ثَبَتَ (٩) لِلسَّيِّدِ ابْتِدَاءً، فلم يكُنْ له ذلك، كما لو كانت الجِنَايَةُ عليه. وأصْلُ الوَجْهَيْنِ، وُجُوبُ الحَقِّ في ابْتِدَائِه هل يَثْبُتُ لِلْقَتِيلِ ثم يَنْتَقِلُ إلى وَارِثِه، أو يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتدَاءً؟ على وَجْهَيْنِ. وكلُّ مَوْضِعٍ يَثْبُتُ له المالُ في رَقَبَةِ عَبْدِه، فإنَّه يُقَدَّمُ على الرَّهْنِ؛ لأنَّه يَثْبُتُ لِلْمَوْرُوثِ كذلك، فيَنْتَقِلُ إلى وَارِثِه كذلك، وإن اقْتَصَّ


(٨) سقط من: م.
(٩) في م: "يثبت".

<<  <  ج: ص:  >  >>