للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

افْتَرَضَها اللهُ عليه (٢).

٢٧١ - مسألة؛ قال: (ولِلْمُسَافِرِ أنْ يُتِمَّ ويَقْصُرَ، كَمَا لَهُ أنْ يَصُومَ ويُفْطِرَ.)

المَشْهُورُ عن أحمدَ، أنَّ المُسَافِرَ إن شاءَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وإن شَاءَ أَتَمَّ. وَرُوِىَ عنه أنَّه تَوَقَّفَ، وقال: أنا أُحِبُّ العَافِيَةَ من هذه المَسْألةِ. وممن رُوِىَ عنه الإِتْمامُ في السَّفَرِ: عُثْمَانُ، وسَعْدُ بنُ أبى وَقَّاص، وابنُ مَسعودٍ، وابنُ عمرَ، وعائشةُ رَضِىَ اللهُ عنهم. وبه قال الأوْزاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وهو المَشْهُورُ عن مالِكٍ. وقال حَمَّادُ بنُ أبى سليمانَ: ليس له الإِتْمَامُ في السَّفَرِ. وهو قَوْلُ الثَّوْرِىِّ، وأبى حَنِيفَةَ. وأوْجَبَ حَمَّادٌ الإِعادةَ على مَن أتَمَّ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: إن كان جَلَسَ بعد الرَّكْعَتَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، فصَلَاتُه صَحِيحَةٌ، وإلَّا لم تَصِحَّ. وقال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ: الصَّلَاةُ في السَّفَر رَكْعَتَانِ حَتْمٌ، لا يَصْلُحُ غَيْرُهما. وَرُوِىَ عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّه قال: مَن صَلَّى في السَّفَرِ أَرْبَعًا فهو كمَن صَلَّى في الحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ. واحْتَجُّوا بأنَّ صَلَاةَ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ بِدَلِيلِ قَوْلِ عمرَ، وعائشةَ، وابنِ عَبَّاسٍ، على ما ذَكَرْنَاهُ. وَرُوِىَ عن صَفْوَانَ بنِ مُحْرِزٍ، أنَّه سَأَلَ ابْنَ عمرَ عن الصلاةِ في السَّفَرِ، فقال: رَكْعَتَانِ، فمَن خَالَفَ السُّنَّةَ كَفَرَ (١)، ولأنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخرَيَيْن يَجُوزُ تَرْكُهما إلى غير بَدَلٍ، فلم تَجُزْ زِيَادَتُهما على الرَّكْعَتَيْنِ المَفْرُوضَتَيْنِ، كما لو زَادَهما على صلاةِ الفَجْرِ. ولنَا، قَوْلُ اللهِ تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} وهذا يَدُلُّ على أنَّ القَصْرَ رُخْصَةٌ


(٢) في أ، م: "عليهم".
وأخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٦/ ٢٤١. والبيهقي، في: باب إتمام المغرب في السفر والحضر وأن لا قصر فيها، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى ٣/ ١٤٥.
(١) أخرجه عبد الرزاق، في: باب الصلاة في السفر، من كتاب الصلاة. المصنف ٢/ ٥٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>