للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: [ويُسْتحَبُّ حَذْف السَّلامِ، وهو ألَّا يُمَدَّ بطُولِه] (٦١)، وقد رَوَى أبو داوُد، والتِّرْمِذِىُّ، بِإسْنَادِهِمَا، عن أبي هُرَيْرةَ، رضيَ اللهُ عنهُ، قال: "حذْفُ السلامِ سُنَّةٌ" (٦٢). قال ابْنُ المبارَكِ: مَعْناهُ أنْ لا يَمُدَّهُ مَدًّا. قال أحمدُ: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وهذا الذي يَسْتَحِبُّهُ أهلُ العِلْمِ. قال إبراهِيمُ النَّخَعِىُّ: التَّكْبِيرُ جَزْمٌ، والسلامُ جَزْمٌ. وقد رُوِىَ أنَّ مَعْنَى هذا الحديثِ إخْفَاءُ التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ. والصحيحُ الأوَّلُ؛ لأَنَّ الحَذْفَ إسْقَاطُ بعضِ الشىءِ، والجَزْمُ قَطْعٌ له، فيَتَّفِقُ معناهُما، والإِخْفَاءُ بِخلَافِهِ، ويَخْتَصُّ ببعضِ السَّلامِ دُونَ جُمْلَتِهِ، قال أحمدُ [ابنُ الأثْرَم] (٦٣): [سَمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ] (٦٤) أحمد بن حَنْبَلٍ، يقُولُ: حذفُ السلامِ سُنَّةٌ، وهو أنْ لا يُطَوِّلَ بهِ صوتَهُ. وطَوَّلَ أبو عبدِ اللهِ صوتَهُ.

فصل: ويَنْوِى بسلامِهِ الخُرُوجَ مِن الصلاةِ. فَانْ لم يَنْوِ؛ فقالَ ابنُ حامدٍ: [تَبْطُلُ صَلَاتُهُ] (٦٥). وهو ظَاهِرُ مذهبِ (٦٦) الشافعىِّ؛ لأنه نُطْقٌ فِي أَحَدِ طَرَفَىِ الصلاةِ؛ [فافْتَقَر إلى] (٦٧) النِّيَّةِ، كالتَّكْبِيرِ (٦٨). والمَنْصُوصُ عن أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، أنَّه لا تَبْطُلُ صلاتُه. وهو الصحيحُ؛ لأَنَّ نِيَّةَ الصلاةِ قد شَمِلَتْ جميعَ


(٦١) سقط من: م.
(٦٢) أخرجه أبو داود، في: باب حذف السلام، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٢٣٠. والترمذي، في: باب ما جاء أن حذف السلام سنة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ٢/ ٩١. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٥٣٢.
(٦٣) في النسخ: "بن ثرم"، وهو أحمد بن محمد بن هانىء الأثرم، وتقدم التعريف به.
(٦٤) في الأصل: "قال أبو عبد اللَّه".
(٦٥) في الأصل: "لا يصح".
(٦٦) في م: "نص".
(٦٧) في م: "فاعتبرت له".
(٦٨) من هنا إلى آخر قوله: "الخروج من الصلاة" الآتى، جاء مكانه في الأصل: "ولنا أنه جزء من أجزاء الصلاة غير أولها، فلا تفتقر إلى نية الخروج منها، كالصوم، وهذا لأن النية إذا وجدت من أول العبادة انسحبت على سائر أجزائها، واستغنى عن ذكرها، وقياس الجزء الأخير على الأول فاسد لذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>