للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلاةِ، والسلامُ مِن جُمْلَتِها، ولأنَّه لو وَجَبَتِ النِّيَّةُ في السلامِ لوجَبَ تَعْيِينُها، كتَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ، ولأنَّها عبَادَةٌ، فلم تَجِب النِّيَّةُ للْخُرُوجِ منها، كَسَائِرِ العبادَاتِ، وقِيَاسُ الطَّرَفِ الأخِيرِ على الطَّرَفِ الأوَّلِ غيرُ صَحِيحٍ؛ فإنَّ النِّيَّةَ اعْتُبِرَتْ في الطَّرَفِ الأوَّلِ، ليَنْسَحِبَ حُكْمُها على بقِيَّةِ الأجزاءِ، بخِلَافِ الأخِيرِ، ولذلكَ أُفْرِقَ الطَّرَفَانِ في سَائِرِ العباداتِ. قال بعضُ أصحابِنا: يَنْوِى بالتَّسْلِيمَتَيْنِ معًا الخروجَ مِن الصلاةِ. فإنْ نَوَى مع ذلك الرَّدَّ على المَلَكَيْنِ، وعلى مَنْ خَلْفَهُ إنْ كانَ إمامًا، أو على [الإِمامَ و] (٦٩) مَنْ معهُ إنْ كان مَأْمومًا، فلا بأْسَ. نَصَّ عليهِ أحمدُ، فقالَ: يُسَلِّمُ في الصلاةِ، ويَنْوِى بسَلَامِه الرَّدَّ على الإِمامِ؛ لِما رَوَى مُسْلِمٌ، عن جابرِ بنِ سَمُرَة، قالَ: كُنَّا إذا صَلَّيْنَا مع النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قُلْنَا (٧٠): السَّلَامُ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فنظَرَ إلينَا رسُولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالَ: "مَا شَأْنُكُمْ تُشِيرُونَ بِأَيْديكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ (٧١)! إذَا سَلَّمَ أحَدُكُمْ فَلْيَلْتَفِتْ إلَى صَاحِبِهِ وَلَا يُومِىءُ بيَدِهِ"، وفى لَفْظٍ: "إنَّمَا يَكْفِى أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أَخِيهِ مِنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ" [رواهُ مُسْلِمٌ. وفى لَفْظٍ] (٧٢)، قال: أمَرَنَا النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنْ نَرُدَّ على الإِمَامِ، وأنْ يُسَلِّمَ بعضُنَا على بعضٍ. [رَواهُ أبو داود] (٧٣). وهذا يَدُلُّ على أنَّهُ يُسَنُّ التَّسْلِيمُ (٧٤) على مَنْ معه [مِن المُصَلِّينَ] (٧٥)، وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ وأبي حَنِيفَة. وقالَ أبو حَفْصِ بْنُ المُسْلِمِ، مِنْ


(٦٩) سقط من: الأصل.
(٧٠) في م: "فكنا إذا اسلمنا". والصواب في: الأصل، وصحيح مسلم.
(٧١) خيل شمس: لا تستقر، بل تضطرب وتتحرك بأذنابها وأرجلها.
(٧٢) في م: "وروى أبو داود". وتقدم تخريج الحديث، في صفحة ٢٤٢.
(٧٣) سقط من: م.
وأخرجه أبو داود، في: باب الرد على الإمام، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٣٢٩.
(٧٤) في م: "أن ينوى التسليم".
(٧٥) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>