للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلِمْتُمْ} (٣٤). {تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} (٣٥). وقال الشاعرُ (٣٦).

تَاللَّهِ يَبْقَى على الأَيَّامِ ذُو حِيَدٍ ... بمُشْمَخِرٍّ به الظَّيَّانُ والْآسُ (٣٧)

فإنْ قال: ما أرَدْتُ به القَسَمَ. لم يقبلْ منه؛ لأنَّه أتَى باللَّفْظِ الصَّريحِ فى القَسَمِ، واقْتَرَنَتْ به قَرِينَةٌ دالَّةٌ عليه، وهو الجوابُ بجَوابِ القَسَمِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يُقْبَلَ منه فى قولِه: تاللَّهِ لأقُومَنَّ. إذا قال: أردْتُ أَنَّ قِيامِى بِمَعُونَةِ اللَّه وفَضْلِه. لأنَّه فسَّرَ كلامَه بما يَحْتَمِلُه. ولا يُقْبَلُ فى الحَرْفَيْنِ الآخَرَيْنِ، لعَدَمِ الاحْتِمالِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يُقْبَلَ بحالٍ؛ لأنَّه أجابَ بجوابِ القَسَمِ، فيُمْنَعُ صَرْفُه إلى غيرِه.

فصل: وإِنْ أَقْسَمَ بغيرِ حَرْفِ القَسَمِ، فقال: اللَّه لأَقُومَنَّ. بالجَرِّ أو النصْبِ، كان يَمِيِنًا. وقال الشافِعِىُّ: لا يكونُ يَمِينًا، إلَّا أَنْ يَنْوِىَ؛ لأنَّ ذِكْرَهُ (٣٨) اسْمَ اللَّهِ تعالى بغيرِ حَرفِ القَسَمِ، ليس بصَرِيحٍ فى القَسَمِ، فلا يَنْصَرِفُ (٣٩) إليه إلَّا بالنِّيَّةِ. ولَنا، أنَّه سائِغٌ فى العَربِيَّةِ، وقد وَرَدَ به عُرْفُ الاسْتعمالِ فى الشَّرْعِ، فرُوِىَ أَنَّ عبدَ اللَّه بن مَسْعودٍ أخْبَرَ النّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قَتَلَ أبا جَهْلٍ، فقال: "آللَّهِ إِنَّكَ قَتَلْتَه؟ " لا. قال: اللَّه إنِّى قَتَلْتُه. ذَكَره


(٣٤) سورة يوسف ٧٣.
(٣٥) سورة الأنبياء ٥٧.
(٣٦) من قصيدة لأبى ذؤيب الهذلى. وقال أبو نصر: هى لمالك بن خالد الخناعى الهذلى. شرح أشعار الهذليين ٢٢٦، ٢٢٧.
(٣٧) فى أ: "ذو حسد". وذو حيد: ذو قرون ناتئة. والظيان: شجر الياسمين.
وصدر البيت فى شرح السكرى:
* يامَىُّ لا يُعْجِزُ الأيَّامَ ذو حِيَدٍ *
والصدر الذى ورد هنا ذكره السكرى صدر بيت لساعذة الهذلى، عجزه:
* أدْفَى صَلودٌ من الأوعالِ ذو خَدمِ *
شرح أشعار الهذليين ٣/ ١١٢٤.
(٣٨) فى أ، ب، م: "ذكر".
(٣٩) فى ب: "يصرف".

<<  <  ج: ص:  >  >>