للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجُزْءٍ من المَقْسومِ، فالحكمُ فيه كما لو (٣٦) ظهرَ مُسْتَحَقًّا، على ما مَرَّ مِن التَّفصيلِ فيه؛ لأنَّه يُسْتَحقُّ أخْذُه. وإن كانتِ الوَصيَّةُ بمالٍ غيرِ مُعَيَّنٍ، مثل أنْ يُوصِىَ بمِائةِ دينارٍ، فحُكمُها حُكمُ الدَّينِ، على ما بَيَّنَّا.

فصل: وإذا طلبَ أحدُ الشَّريكيْنِ من الآخَرِ المُهايأَةَ مِن غيرِ قِسْمةٍ، إمَّا فى الأجْزاءِ بأن يَجْعَلَ لأحدِهما بعضَ الدَّار يَسْكنُها، أو بعضَ الحَقْلِ يزْرعُه، ويَسْكنَ الآخَرُ، ويَزْرعَ فى الباقى (٣٧)، أو يَسكنَ أحدُهما، ويَزرعَ سنةً، ويَسكنَ الآخَرُ، ويَزرعَ سنةً أُخْرَى، لم يُجْبَرِ المُمْتنِعُ منهما. وبهذا قال الشَّافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ: يُجْبَرُ؛ لأنَّ فى الامْتِناعِ منه ضَررًا، فيَنْتَفِى بقولِه عليه السلامُ: "لَا ضَرَرَ وَلَا إضْرَارَ (٣٨) ". ووافقَنا أبو حنيفةَ فى العَبِيدِ خاصَّةً، على أنَّه لا يُجْبَرُ على المُهايَأَةِ. ولَنا، أنَّ المُهايأَةَ مُعاوَضةٌ، فلا يُجْبَرُ عليها كالبَيْعِ، ولأنَّ حقَّ كلِّ واحدٍ من (٣٩) المَنْفَعةِ عاجلٌ، فلا يجوزُ تأْخيرُه بغيرِ رِضَاه، كالدَّيْنِ، وكما فى العَبِيدِ [عندَ أبى حنيفةَ، ويُخالِفُ قِسْمةَ الأصْلِ، فإنَّه إفْرازُ النَّصِيبيْنِ] (٤٠)، وتَمْيِيزُ أحَدِ الحَقَّيْنِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّهما إن (٤١) اتَّفقا على المُهايأَةِ، جازَ؛ لأنَّ الحقَّ لهما، فجازَ فيه ما تَراضَيا عليه، كقِسْمةِ التَّراضِى، ولا يَلْزَمُ، بل متى رجَعَ أحدُهما عنها، انْتَقَضَتِ المُهايَأَةُ. ولو طَلَبَ أحدُهما القِسْمةَ، كان له ذلك، وانْتقَضَتِ المُهايَأَةُ. ووافقَ أبو حنيفةَ وأصحابُه فى انْتِقاضِها بطَلبِ القِسْمةِ. وقال مالكٌ: تَلْزَمُ المُهايَأَةُ. لأنَّه يُجْبَرُ عليها عندَه، فلزِمَتْ، كقِسْمةِ الأصلِ. ولَنا، أنَّه بذَلَ مَنافعَ ليأْخُذ مَنافِعَ مِن غيرِ إجارةٍ، فلم يَلْزَمْ، كما لو أعارَه شيئًا ليُعِيرَه شيئًا آخَرَ إذا احْتاجَ إليه، وفارَقَ القِسْمةَ، فإنَّها إفْرازُ (٤٢) حَقٍّ، على ما ذكرْناه.


(٣٦) سقط من: م.
(٣٧) فى الأصل: "الثانى".
(٣٨) فى م: "ضرار". وتقدم تخريجه، فى: ٤/ ١٤٠.
(٣٩) فى ب، م: "فى".
(٤٠) سقط من: الأصل.
(٤١) فى م: "إذا".
(٤٢) فى الأصل: "إقرار".

<<  <  ج: ص:  >  >>