للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُشْتَرِى، والقولُ قولُ المُنْكِرِ. وقال الشَّعْبِىُّ: القولُ قولُ البائِعِ، أو يَتَرادَّانِ البَيْعَ. وحَكاه ابنُ المُنْذِرِ عن إمامِنا، رَحِمَهُ اللهُ، [لما رَوَى] (١) ابنُ مَسْعُودٍ، عن رسولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنَّه قال: "إذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعانِ، ولَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ، فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ، أوْ يَتَرَادَّانِ الْبَيْعَ". رَواه سَعِيدٌ، وابنُ ماجَه، وغيرُهما (٢). والمَشْهُورُ فى المذهبِ الأوَّلُ. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مَعْنَى القَوْلَيْنِ واحِدًا، وأنَّ القولَ قولُ البائِعِ مع يَمِينِه، فإذا حَلَفَ فرَضِىَ المُشْتَرِى بذلك، أخَذَ به، وإنْ أَبَى، حَلَفَ أيضًا، وفُسِخَ البَيْعُ بينهما، لأنَّ فى بعضِ ألفاظِ حَدِيثِ ابن مَسْعُودٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ، والسِّلْعَةُ قائِمَةٌ. ولَا بَيِّنَةَ لأحَدِهِمَا، تَحَالَفا" (٣). ولأنَّ كلَّ واحدٍ منهما مُدَّعٍ ومُدَّعًى عليه، فإنَّ البائِعَ يَدَّعِى عَقْدًا بِعِشْرِينَ، يُنْكِرُه المُشْتَرِى، والمُشْتَرِى يَدَّعِى عَقْدًا بِعَشَرَةٍ، يُنْكِرُه البائِعُ، والعَقْدُ بِعَشَرَةٍ غيرُ العَقْدِ بِعِشْرِينَ، فَشُرِعَت اليَمِينُ فى حَقِّهِما، وهذا الجَوَابُ عمَّا ذَكَرُوه.

الفصل الثانى، أنَّ المُبْتَدِىءَ باليَمِينِ البائِعُ، فيَحْلِفُ ما بِعْتُه [بِعَشَرَةٍ، وإنَّما بِعْتُه] (٤) بِعِشْرِينَ. فإنْ شاءَ المُشْتَرِى أخَذَه بما قال البائِعُ، وإلَّا يَحْلِفُ ما اشْتَرَيْتُه بِعِشْرِينَ، وإنَّما اشْتَرَيْتُه بِعَشَرَةٍ. وبهذا قال الشَّافِعىُّ، وقال أبو حنيفةَ: يَبْتَدِىءُ بِيَمِينِ المُشْتَرِى؛ لأنَّه مُنْكِرٌ، واليَمِينُ فى جَنَبَتِه أقْوَى، ولأنَّه يُقْضَى بِنُكُولِه، ويَنْفَصِلُ الحُكْمُ، وما كان أقْرَبَ إلى فَصْلِ الخُصُومَةِ كان أوْلَى. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ


(١) فى م: "وروى".
(٢) أخرجه ابن ماجه، فى: باب البيعان يختلفان، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٣٧.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب إذا اختلف البيعان والمبيع قائم، من كتاب البيوع. سنن أبى داود ٢/ ٢٥٥. والدارمى، فى: باب إذا اختلف المتبايعان، من كتاب البيوع. سنن الدارمى ٢/ ٢٥٠. والإمام مالك، فى: باب بيع الخيار، من كتاب البيوع. الموطأ ٢/ ٦٧١. والإمام أحمد، فى: المسند ١/ ٤٦٦.
(٣) الرواية بهذا اللفظ غير موجودة فى شىء من كتب الحديث التى بين أيدينا. وقال الحافظ ابن حجر: أما رواية التحالف فاعترف الرافعى فى التذنيب أنه لا ذكر لها فى شىء من كتب الحديث. التلخيص الحبير ٣/ ٣١.
(٤) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>