للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَنِثَ، وإِنْ كان نَوَى إذا رآها، لم يَحْنَثْ حتى يَرَاها تَدخُلُ. وهو كما قال؛ فإنَّ مَبْنَى اليَمِينِ على النِّيَّاتِ، سِيَّما والرُّؤْيَةُ تُطْلَقُ على العِلمِ، كقولِ اللَّهِ تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} (١٦٦). ونحوِه. ومتى لم تَكُنْ له نِيَّةٌ ولا [هناكَ سَبَبٌ] (١٦٧) يَدُلُّ على إرادتِه مَنْعَ (١٦٨) الدُّخولِ بِمُجَرَّدِه، لم يَحْنَثْ حتى يَراها تَدخُلُ الدّارَ؛ لأنَّه الذى تناولَه لَفْظُه (١٦٩). ونَقَلَ عنه المَرُّوذِىُّ، فى رجُلٍ أقْرَضَ رجلًا دَرَاهِمَ، فحلَفَ أن لا يَقْبَلَها، وكان الرَّجُلُ مَيّتًا: تُعْطَى الوَرَثَةَ. يعنى إذا ماتَ الحالِفُ يُوَفَّى الورثةُ، ولا يَبْرأُ بِيَمِينِه (١٧٠)؛ لأنَّها ليستْ إبْراءً، فلا يَسْقُطُ الحقُّ بها.

فصل: ولو قال: امْرأتِى طالقٌ، إن كُنتُ أمْلِكُ إلَّا مائةً. وكان يَملِكُ أكثرَ مِن مائةٍ، أو أقلَّ، حَنِثَ. فإنْ نَوَى أنِّى لا أمْلِكُ أكثرَ من مائةٍ، لم يَحْنَثْ بِمِلْكِ ما دُونَها. وإن قال: إن كُنتُ أملكُ أكثرَ من مائةٍ، فامرأتى طالقٌ. وكان يَمْلِكُ أقلَّ من المائةِ، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّه صادقٌ.

فصل: فإن قال لامرأتِه: يا طالقُ، أنتِ طالقُ إن دخَلْتِ الدّارَ. [طَلُقَتْ واحدةً] (١٧١) بقولِه: يا طالقُ. وبَقِيَتْ أُخْرَى مُعَلَّقةً بدُخولِ الدَّارِ. ولو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثًا يا طالقُ، إن دخلْتِ الدَّارَ. فإن كانت له نِيَّةٌ، رُجِعَ إليها، وإلَّا وقَعَتْ واحدةٌ بالنداءِ، وبَقِيَتِ الثّلاثُ مُعلَّقةً على دُخولِ الدَّارِ. وكذا لو قال: أنتِ طالقٌ يا زانيةُ، إن دخلْتِ الدَّارَ. وعادَ الشرطُ إلى الطَّلاقِ، دُونَ القَذْفِ. وقال محمدُ بنُ الحَسنِ: يَرْجِعُ الشَّرْطُ إليهما فى المسْألتينِ، فلا يَقَعُ بها فى الحالِ شىءٌ. والأَوْلَى أن يَرْجعَ الشَّرطُ إلى الخبرِ


(١٦٦) سورة الفجر ٦.
(١٦٧) فى م: "سبب هناك".
(١٦٨) فى م: "مع".
(١٦٩) فى ب: "اللفظ".
(١٧٠) فى ب: "يمينه".
(١٧١) فى حاشية الأصل: "وقعت طلقة".

<<  <  ج: ص:  >  >>