للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجارَ مُشْتَقٌّ من المُجَاوَرةِ. وقال قَتَادَةُ: الجارُ الدَّارُ والدَّارَان. ورُوِى عن عَلِىٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه، في قولِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا صَلَاةَ لِجَارِ المَسْجِدِ إلَّا في المَسْجِدِ" (١٨). قال: من سَمِعَ النِّدَاءَ. وقال سَعِيدُ بن عَمْرِو بن جَعْدَةَ: مَنْ سَمِعَ الإِقَامةَ. وقال أبو يوسفَ: الجِيرَانُ أهْلُ المَحلّةِ [إن جَمَعَهم مسجدٌ، فإن تفَرَّق أهلُ المَحَلَّةِ] (١٩) في مَسْجِدَيْنِ صَغِيرَيْنِ مُتَقارِبَيْنِ، فالجَمِيعُ جِيرَانٌ، وإن كانا عَظِيمَيْنِ، فكلُّ أهْلِ مَسْجِدٍ جِيرَانٌ، وأمَّا الأمْصارُ التي فيها القَبائِلُ، فالجِوَارُ على الأَفْخاذِ. ولَنا، ما رَوَى أبو هُرَيْرةَ، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الجارُ أربَعُونَ دَارًا، هكَذَا وهكَذَا وهكَذَا وهكَذَا" (٢٠). وهذا نَصٌّ لا يجوزُ العُدُولُ عنه إن صَحَّ، وإن لم يَثْبُت الخَبَرُ، فالجارُ هو المُقَارِبُ، ويُرْجَعُ في ذلك إلى العُرْفِ.

فصل: وإن وَصَّى لأهْلِ دَرْبِه أو سِكَّتِه، فهم أهْلُ المَحلَّةِ الذين طَرِيقُهُم في دَرْبِه.

فصل: وإن وَصَّى لأَصْنافِ الزَّكَاةِ المَذْكُورِينَ في القُرْآنِ، فهم الذين يَستَحِقُّونَ من الزَّكاةِ، ويَنْبَغِى أن يُجْعَلَ لكلِّ (٢١) صِنْفٍ ثُمُنُ الوَصِيَّةِ، كما لو وَصَّى لِثَمانِ قَبائِلَ، والفَرْقُ بين هذا وبين الزَّكاةِ، حيث يجوزُ الاقْتِصارُ على صِنْفٍ واحدٍ، أنَّ آيةَ الزَّكاةِ أُرِيدَ بها بَيَان مَن يجوزُ الدَّفْعُ إليه، والوَصِيَّةُ أُرِيدَ بها بَيَان مَن يَجِبُ الدَّفْعُ إليه. ويجوزُ الاقْتِصارُ من كلِّ صِنْفٍ على واحدٍ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُهُم. وحُكِى هذا عن أصْحابِ الرَّأْىِ. وعن محمدِ بن الحَسَنِ أنَّه قال: لا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلى أقَلَّ من اثْنَيْنِ. وحَكَى أبو الخَطَّابِ رِوَايةً ثانِيةً عن أحمدَ، أنَّه لا يجوزُ الدَّفْعُ إلى أقَلَّ من ثَلَاثةٍ من كلِّ صِنْفٍ. وهو مذهبُ الشافِعِىِّ. وأصْلُ هذا الاخْتِلَافُ في الزَّكاةِ وقد ذَكَرْناه.


(١٨) تقدم تخريجه في: ٣/ ٨. ويضاف إليه: كما أخرجه البيهقي، في: باب المأموم يصلى خارج المسجد. . ., من كتاب الصلاة. السنن الكبرى ٣/ ١١١ عن على. وعبد الرزاق، في: باب من سمع النداء، من كتاب الصلاة. المصنف ١/ ٤٩٨ موقوفا. والحاكم، في: باب ما من ثلاثة في قرية ولا في بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان. . ., من كتاب الصلاة. المستدرك ١/ ٢٤٦ عن أبي هريرة.
(١٩) سقط من: م.
(٢٠) انظر: كتاب الوصايا، في: تلخيص الحبير ٣/ ٩٢. وإرواء الغليل، في: باب الموصى له، من كتاب الوصايا ٦/ ١٠٠.
(٢١) في م: "لكم" خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>