للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهِ: فكأنَّ سُنَّةَ الجَمْعِ بين الصلاتَيْنِ في المَطَرِ عِنْدَكَ أن يَجْمَعَ قبلَ أن يَغِيبَ الشَّفَقُ، وفى السَّفَرِ يُؤَخِّرُ حتى يَغِيبَ الشَّفَقُ. قال: نعم.

فصل: ولا يَجُوزُ الجَمْعُ لِغيرِ مَنْ ذكرْنا. وقال ابنُ شُبْرُمَةَ: يجُوزُ إذا كانت حَاجَةٌ أو شَىْءٌ، ما لم يَتَّخِذْهُ عادَةً؛ لِحَدِيثِ ابن عَبَّاسٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَمَعَ بين الظُّهْرِ والعَصْرِ، والمَغْرِبِ والعِشَاءِ، مِن غيرِ خَوْفٍ ولا مَطَرٍ (٤٠). فقِيلَ لابنِ عَبَّاسٍ: لِم فَعَلَ ذلك؟ قال: أرَادَ أن لا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ. ولَنا، عُمُومُ أخْبَارِ التَّوْقِيتِ، وحَدِيثُ ابن عَبَّاسٍ حَمَلْناهُ على حالَةِ المَرَضِ، ويجوزُ أن يَتَنَاوَلَ مَن عليه مَشَقَّةٌ، كالمُرْضِعِ، والشَّيْخِ الضَّعِيفِ، وأشْباهِهما مِمَّنْ عليه مَشَقَّةٌ في تَرْكِ الجَمْعِ، ويحْتَمِلُ أنَّه صَلَّى الأُولَى في آخِرِ وَقْتِها، والثَّانِيَةَ في أوَّلِ وَقْتِها، فإنَّ عمرَو بن دِينار رَوَى هذا الحديثَ عن جابِرِ بن زَيْدٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، قال عمرٌو: قلتُ لجَابِرٍ أبا الشَّعثاءِ: أظُنّهُ أخَّرَ الظُّهْرَ وعَجَّلَ العَصْرَ، وأَخَّرَ المَغْرِبَ وعَجَّلَ العِشَاءَ؟ قال: وأنا أظُنُّ ذلك (٤١).

فصل: ومِن (٤٢) شَرْطِ جَوَازِ الجَمْعِ نِيَّةُ الجَمْعِ في أحَدِ الوَجْهَيْنِ، والآخَرُ لا يُشْتَرَطُ ذلك. وهو قَوْلُ أبى بكرٍ. والتَّفْرِيعُ على اشْتِرَاطِه. ومَوْضِعُ النِّيَّةِ يَخْتَلِفُ باخْتِلافِ الجَمْعِ، فإنْ جَمَعَ في وَقْتِ الأُولَى فمَوْضِعُه عند الإِحْرَامِ بالأُولَى، في أحَدِ الوَجْهَيْنِ، لأنَّها نِيَّةٌ يَفتَقِرُ إليها، فاعْتُبِرَتْ عند الإِحْرَامِ، كَنِيَّةِ القَصْرِ. والثَّانِى مَوْضِعُها من أَوَّل الصلاةِ الأُولَى إلى سَلَامِها، أىَّ ذَلِكَ نَوَى فيه أجْزَأَهُ؛ لأنَّ مَوْضِعَ الجَمْعِ حينَ الفَرَاغِ من آخِر (٤٣) الأُولَى إلى الشُّرُوعِ في الثَّانِيَةِ، فإذا لم


(٤٠) تقدم في صفحة ١٣٥.
(٤١) أخرجه البخاري، في: باب تأخير الظهر إلى العصر، من كتاب مواقيت الصلاة. صحيح البخاري ١/ ١٤٣، ١٤٤. ومسلم، في: باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، من كتاب المسافرين. صحيح مسلم ١/ ٤٩١.
(٤٢) في م: "قال: ومن".
(٤٣) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>