للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في غَزْوَةِ تَبُوكَ، فكان رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَجْمَعُ بين الظُّهْرِ والعَصْرِ، والمَغْرِبِ والعِشَاءِ. قال: فأخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا، ثم خَرَجَ فصَلَّى الظُّهْرَ والعَصْرَ جَمِيعًا، ثم دَخَلَ، ثم خَرَجَ فَصَلَّى المَغْرِبَ والعِشَاءَ جَمِيعًا. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: هذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، ثابِتُ الإِسْنَادِ. وقال أهْلُ السِّيَرِ: إنَّ غَزْوَةَ (٢٢) تَبُوكَ كانت في رجب (٢٣)، سنةَ تِسْع، وفى هذا الحَدِيثِ أوْضَحُ الدَّلَائِلِ، وأَقْوَى الحُجَجِ، في الرَّدِّ على مَن قال: لا يَجْمَعُ بين الصَّلَاتَيْنِ إلَّا إذا جَدَّ به السَّيْرُ؛ لأنَّه كان يَجْمَعُ وهو نَازِلٌ غيرُ سَائِرٍ، ماكِثٌ في خِبَائِه، يَخْرُجُ فَيُصَلِّى الصلاتَيْنِ جَمِيعًا، ثم يَنْصَرِفُ إلى خِبَائِه. ورَوَى هذا الحَدِيثَ مُسْلِمٌ في "صَحِيحِه" (٢٤)، قال: فكان يُصَلِّى الظُّهْرَ والعَصْرَ جَمِيعًا والمَغْرِبَ والعِشَاءَ جَمِيعًا. والأخْذُ بهذا الحَدِيثِ مُتَعَيَّنٌ؛ لِثُبُوتِه وكَوْنِه صَرِيحًا في الحُكْمِ، ولا مُعَارِضَ له، ولأنَّ الجَمْعَ رُخْصَةٌ مِن رُخَصِ السَّفَرِ، فلم يَخْتَصَّ بحَالَةِ السَّيْرِ (٢٥)، كالقَصْرِ والمَسْحِ، ولكِنَّ الأفْضَلَ التَّأْخِيرُ، لأنَّه أخْذٌ بالاحْتِيَاطِ، وخُرُوجٌ من خِلَافِ القَائِلِينَ بالجَمْعِ، وعَمَلٌ بالأحادِيثِ كُلِّها (٢٦).

فصل: ولا يَجُوزُ الجَمْعُ إلَّا في سَفَرٍ يُبيحُ القَصْرَ. وقال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ،


= مسلم، في: باب في معجزات النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، من كتاب الفضائل. صحيح مسلم ٤/ ١٧٨٤. وأبو داود، في: باب الجمع بين الصلاتين، من كتاب السفر. سنن أبي داود ١/ ٢٧٥. والنسائي، في: باب الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين الظهر والعصر، من كتاب المواقيت. المجتبى ١/ ٢٢٩. والدارمى، في: باب الجمع بين الصلاتين، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي ١/ ٣٥٦. والإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ٢٣٧.
(٢٢) في الأصل: "غزاة".
(٢٣) سقط من: ا، م.
(٢٤) الذي تقدم تخريجه في هذا الفصل.
(٢٥) في الأصل: "السفر" تحريف.
(٢٦) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>