للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَقِىَ مُمْتَنِعًا بِالْيَمِينِ مِن دُخُولِ الدَّارِ. ولَنا، أَنَّ يَمِينَه مُعَلَّقَةٌ بِشَرْطٍ، ففيما قَبْلَه ليس بِحالِفٍ، فلا يكونُ مُولِيًا، ولأنَّه يُمْكِنُه الْوَطْءُ مِنْ غيرِ حِنْثٍ، فلم يكنْ مُولِيًا، كما لو لم يَقُلْ شَيْئًا. وكَوْنُه يَصِيرُ مُولِيًا، لا يَلْزَمُه به شَىْءٌ، وإنَّما يَلْزَمُه بِالحِنْثِ. ولو قال: واللَّهِ لا وَطِئْتُكِ فى السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً. لم يَصِرْ مُولِيًا فى الحَالِ؛ لأنَّه يُمْكِنُه الوَطْءُ متى شاءَ بغيرِ حِنْثٍ، فلم يَكُنْ مَمْنُوعًا مِن الوَطْءِ بِحُكْم يَمِينِه، فإذا وَطِئَها وقد بَقِىَ مِنَ السَّنَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، صارَ مُولِيًا. وهذا قَوْلُ أبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ، وظاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِىِّ. وفى (٤٩) قَوْلِه القَدِيمِ، يَكونُ مُولِيًا فى الِابْتِداءِ؛ لما ذَكَرْنا فى التى قَبْلَها. وقد أَجَبْنا عنه. وإِنْ قال: واللَّهِ لا وَطِئْتُكِ سَنَةً إِلَّا يَوْمًا. فكذلك. وبهذا قال أبو حَنِيفَةَ؛ لأنَّ اليَوْمَ مُنَكَّرٌ، فلم يَخْتَصَّ يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ، ولذلك لو قال: صُمْتُ (٥٠) رمضانَ إلَّا يَوْمًا. لم يَخْتَصَّ اليَوْمَ الآخِرَ. ولو قال: لا أُكَلِّمُكَ فى السَّنَةِ إِلَّا يَوْمًا. لم يَخْتَصَّ يَوْمًا منها. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّهُ يَصِيرُ مُولِيًا فى الحالِ. وهو قَوْلُ زُفَرَ؛ لأنَّ اليَوْمَ المُسْتَثْنَى يكونُ مِنْ آخِرِ المُدَّةِ، كالتَّأْجِيلِ ومُدَّةِ الخِيَارِ، بِخِلافِ قَوْلِه: لا وَطِئْتُكِ فى السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً، فإِنَّ المَرَّةَ لا تَخْتَصُّ وَقْتًا بِعَيْنِه. ومَنْ نَصَرَ الأَوَّلَ فَرَّقَ بينَ هذا وبينَ التَّأْجِيلِ ومُدَّةِ الخِيارِ، مِنْ حيثُ إِنَّ التَّأْجِيلَ ومُدَّةَ الخِيارِ، تَجِبُ المُوَالاةُ فِيهِما، وَلا يجوزُ أَنْ يَتَخَلَّلَهُما يَوْمٌ لا أَجَلَ فيه ولا خِيارَ؛ لأنَّه لو جازَتْ له المُطالَبَةُ فى أَثْناءِ الأَجلِ، لَزِمَ قَضاءُ الدَّيْنِ، فيَسْقُطُ التَّأْجِيلُ بالكُلِّيَّةِ، ولو لَزِمَ العَقْدُ فى أثْناءِ مُدَّةِ الخِيارِ، لم يَعُدْ إلى الجَوازِ، فتَعَيَّنَ جَعْلُ اليومِ المُسْتَثْنَى مِنْ آخِرِ المُدَّةِ، بخِلافِ ما نحن فيه، فإنَّ جَوازَ الوَطْءِ فى يومٍ مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ أو أوْسَطِها، لا يَمْنَعُ ثُبُوتَ حُكْمِ اليَمِينِ فيما بَقِىَ مِن المُدَّةِ، فصارَ ذلك كقولِه: لا وَطِئْتُكِ فى السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً. واللَّهُ أعلمُ.

فصل: فإِنْ قال: واللَّهِ لا وَطِئْتُكِ عامًا. ثم قال: واللَّهِ لا وَطِئْتُكِ عامًا. فهو إيلاءٌ


(٤٩) سقطت الواو من: ب، م.
(٥٠) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>