للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما لو شَرَطَه. أمَّا حديثُ ذِى الرُّقْعَتَينِ، فقال أحمدُ: ليس له إسْنادٌ، يعنى أَنَّ ابنَ سِيرِينَ لم يَذْكُرْ إسنادَه إلى عمرَ. وقال أبو عُبَيْدٍ: هو مُرْسَلٌ. فأين هو من الذى سَمِعُوه (٢٦) يَخْطُبُ به على المِنْبَرِ: لا أُوتَى بمُحَلِّلٍ ولا مُحَلَّلٍ له إلَّا رَجَمْتُهُما. ولأنَّه ليس فيه أَنَّ ذا الرُّقْعَتينِ قصَدَ التَّحْلِيل، ولا نَوَاه، وإذا كان كذلك، لم يَتَنَاوَلْ مَحَلَّ النِّزَاعِ.

فصل: فإن شُرِطَ عليه أن يُحِلَّها قبلَ العَقْدِ، فنَوَى بالعَقْدِ غيرَ ما شَرَطُوا عليه، وقَصَدَ نِكاحَ رَغْبةٍ، صَحَّ العقدُ؛ لأنَّه خَلَا عن نِيَّةِ (٢٧) التَّحْليلِ وشَرْطِه، فصَحَّ، كما لو لم يَذْكُرْ ذلك، وعلى هذا يُحْمَلُ حديثُ ذِى الرُّقْعتَيْنِ. وإن قصَدَتِ المرأةُ التحليلَ أو وَلِيُّها دُونَ الزَّوْجِ، لم يُؤثِّرْ ذلك فى العَقْدِ. وقال الحسنُ، وإبراهيمُ: إذا هَمَّ أحَدُ الثلاثةِ، فَسَدَ النكاحُ. قال أحمدُ: كان الحَسَنُ وإبراهيمُ والتابِعُونَ يُشَدِّدُون فى ذلك. قال أحمدُ: الحَدِيثُ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتُرِيدينَ أنْ تَرْجِعِى إلَى رِفَاعةَ؟ " (٢٨). ونِيّةُ المرأةِ ليس بشىءٍ، إنَّما قال النَّبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَعَنَ اللَّه المُحَلِّلَ والمُحَلَّلَ لَهُ". ولأنَّ العقدَ إنَّما يَبْطُلُ بنِيَّة الزَّوْجِ؛ لأنَّه الذى إليه المُفَارَقَةُ والإمْساكُ، أمَّا المرأةُ فلا تَمْلِكُ رَفْعَ العَقْدِ، فوُجُودُ نِيَّتِها وعَدَمُها سواءٌ، وكذلك الزَّوْجُ الأوَّلُ لا يملكُ شيئًا من العَقْدِ، ولا مِن رَفْعِه، فهو أجْنَبِى كسائرِ الأجانِبِ. فإن قيل: فكَيْفَ (٢٩) لَعَنَه النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قُلْنا: إنَّما لعَنهُ إذا رَجَعَ إليها بذلك التَّحْلِيلِ؛ لأنَّها لم تَحِلَّ له، فكان زانِيًا، فاسْتَحَقَّ اللَّعْنةَ لذلك.


(٢٦) فى م: "سمعناه".
(٢٧) سقط من: الأصل.
(٢٨) أخرجه البخارى، فى: باب من أجاز طلاق الثلاث، من كتاب الطلاق، وفى: باب الإزار المهدب، من كتاب اللباس، وفى: باب التبسم والضحك، من كتاب الأدب. صحيح البخارى ٧/ ٥٥، ١٨٤، ٨/ ٢٧. ومسلم، فى: باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها حتى تنكح. . .، من كتاب النكاح. صحيح مسلم ٢/ ١٠٥٥، ١٠٥٦ والترمذى، فى: باب ما جاء فى من يطلق امرأته. . .، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذى ٥/ ٤٢. وابن ماجه، فى: باب الرجل يطلق امرأته ثلاثا. . .، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦٢١، ٦٢٢. والدارمى، فى: باب ما يحل المرأة لزوجها. . .، من كتاب الطلاق. سنن الدارمى ٢/ ١٦١، ١٦٢.
(٢٩) فى ب، م: "كيف".

<<  <  ج: ص:  >  >>