للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى اسْتحَلَّ عُقوبتَه، لمُخالفَتِه إيَّاه.

فصل: ويَحْرُمُ اتِّخاذُ الآنِيَةِ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ، واسْتِصْناعُها؛ لأنَّ ما حَرُمَ اسْتعمالُه، حَرُمَ اتِّخاذُه على هيئةِ الاسْتعمالِ، كالطُّنبورِ، والمِزْمَارِ. ويَسْتوِى في ذلك الرِّجالُ والنِّساءُ؛ لعمومِ الحديثِ، ولأنَّ علَّةَ تَحْريمِها السَّرَفَ والخُيَلَاءُ وكسرُ قلوبِ الفقراءِ، وهذا معنًى يشْمَلُ الفريقَيْن، وإنَّما أُبِيحَ للنِّسَاءِ التَّحَلِّى للحاجَةِ إلى التَّزَيُّنِ للأزْواجِ، فتَخْتَصُّ الإِباحَةُ به دونَ غيره. فإن قِيلَ: لو كانت العِلَّةُ ما ذكرتُمْ، لَحَرُمتْ (٦) آنِيَةُ الياقوتِ ونحوِه مِمَّا هو أَرْفَعُ من الأثْمانِ. قُلْنا: تلك لا يَعْرفُها الفقراءُ، فلا تَنْكَسِرُ قلوبُهم باتِّخاذِ الأغْنياءِ لها، لعَدَمِ مَعْرفتِهم بها، ولأنَّ قِلَّتَها في نفسِها تَمْنَعُ اتخاذَها، فيُسْتَغْنَى بذلك عن تَحْرِيمِها، بخلافِ الأثْمانِ.

١٦٠٨ - مسألة؛ قال: (وَإنْ كَانَ قَدَحٌ عَلَيْهِ ضَبَّةٌ، فَشَرِبَ مِنْ غَيْرِ مَوْضِعِ الضَّبَّةِ، فَلَا بَأْسَ)

وجملةُ ذلك أنَّ الضَّبَّةَ من الفِضَّةِ تُبَاحُ بثلاثةِ شُروطٍ؛ أحدُها، أن تكونَ يسيرةً. الثاني، أن تكونَ من الفِضَّةِ، فأمَّا الذَّهَبُ، فلا يُبَاحُ، وقليلُه وكثيرُه حَرَامٌ. ورُوِىَ عن أبى بكرٍ، أنَّه رَخَّصَ في يَسِيرِ الذَّهبِ. الثالثُ، أن يكونَ لحاجَةٍ (١)، أَعْنِى أنَّه جَعَلَها لمصْلَحةٍ وانْتفاعٍ، مثلَ أن تُجْعَلَ على شِقٍّ أو صَدْعٍ، وإن قامَ غيرُها مقامَها. وقال القاضي: ليس هذا بشَرْطٍ، ويجوزُ اليَسِيرُ من غيرِ حاجَةٍ، إذا لم [يُبَاشِرها بالاسْتِعمالِ] (٢)، وإنما كَرِهَ أحمدُ الحَلْقَةَ ونحوَها؛ لأنَّها تُبَاشَرُ بالاسْتعمالِ. ومِمَّنْ


(٦) في النسخ: "فحرمت".
(١) في ب، م: "للحاجة".
(٢) في م: "يباشر الاستعمال".

<<  <  ج: ص:  >  >>