للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى قولِ أبي الخَطَّابِ، إن حَكَمْنا بوُقوعِ الفُرْقةِ بتَفْرِيقِ الحاكِم ظاهرًا وباطنًا، وَرِثَت الثانىَ ووَرِثَهَا، ولم تَرِثِ الأوَّلَ ولم يَرِثْها، [وإنْ لم نَحْكُمْ بوُقوعِ الفُرْقةِ باطِنًا، وَرِثَتِ الأوَّلَ ووَرِثَها، ولم تَرِثِ الثانىَ ولم يَرِثْها] (٨٩). فأمَّا عِدَّتُها منهما، فمَن وَرِثَتْهُ اعْتدَّتْ لوَفاتِه عِدَّةَ الوَفاةِ، وإن مات الثانى فى موضعٍ لا تَرِثُه، فالمنْصوصُ عن أحمدَ، أنَّها تَعْتَدُّ عِدَّةَ الوَفاةِ فى النكاحِ الفاسدِ. فعلى هذا، عليها عِدَّةُ الوفاةِ لوَفاتِه. وهو اختيارُ أبي بكرٍ. وقال ابنُ حامدٍ: لا عِدَّةَ عليها لوَفاتِه، لكنْ تَعْتدُّ من وَطْئِه بثلاثةِ قُرُوءٍ؛ فإن ماتا معًا (٩٠)، اعتدَّتْ لكلِّ واحدٍ منهما، وبدأتْ بعِدَّةِ الأوَّلِ، فإذا أَكْمَلَتْها، اعتدَّتْ للآخِرِ، وإن مات الأوَّلُ أوّلًا، فكذلك، وإن مات الثانى أوّلًا، بدأَت بعِدَّتِه، فإذا مات الأوَّلُ، انْقَطَعتْ عِدَّةُ الثانى، ثمَّ ابتدأتْ عِدَّةَ الأوَّلِ، فإذا أكْمَلَتْها، أتَمّتْ عِدَّةَ الثاني. وإن عُلِمَ مَوْتُ أحَدِهما، وجُهِلَ وقتُ مَوْتِ الآخَرِ، أو جُهِلَ مَوْتُهما، فعليها أن تَعْتَدَّ عِدّتَيْنِ من حينَ تيَقَّنَتِ المَوْتَ، وتبدأُ بعِدَّةِ الأوَّلِ؛ لأنَّه أسْبَقُ وأَوْلَى، وإن كانت حاملًا، فبِوَضْعِ الحملِ تَنْقَضِى عِدَّةُ الثانى؛ لأنَّ الولدَ منه، ثم تَبْتَدِئُ بعدَه بعِدَّةِ الوفاةِ، أرْبعةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا.

فصل: وإذا تزوَّجَتِ امرأةُ المَفْقُودِ، فى وقتٍ ليس لها أن تتزَوَّجَ فيه، مثل أن تتزوَّجَ قبلَ مُضِىِّ المُدَّةِ التى يباحُ لها التَّزْويجُ بعدَها، أو كانت غَيْبَةُ زَوجها ظاهِرُها السَّلامةُ، أو ما أشْبَهَ هذا، فنِكاحُها باطلٌ. وقال القاضى: إن تبيَّنَ أنَّ زَوْجَها قد مات، وانْقَضَتْ عِدّتُها منه، أو فارَقَها وانْقَضتْ عِدَّتُها، ففى صِحَّةِ نِكاحِها وَجْهان؛ أحدُهما، هو صحيحٌ؛ لأنَّها ليست فى نِكاحٍ ولا عِدَّةٍ، فصَحَّ (٩١) تزوِيجُها، كما لو عَلِمَتْ ذلك. والثانى، لا يَصِحُّ؛ لأنَّها مُعْتَقِدةٌ تَحْريمَ نكاحِها وبُطْلانَه. وأصلُ هذا مَن باعَ عَيْنًا فى يدِه يعتقِدُها لمَوْرُوثِه، فبان مَوْرُوثُه مَيِّتًا والعينُ مَمْلوكةً


(٨٩) سقط من: م. نقل نظر.
(٩٠) سقط من: الأصل.
(٩١) فى ب: "فيصح".

<<  <  ج: ص:  >  >>