للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُضُوؤُه، إلَّا أن يجمعَ بين الفَرْجَيْن في اللَّمْسِ. ولو مَسَّ أحدُ الخُنْثَيَيْن ذَكَرَ الآخَرِ، ومَسَّ الآخَرُ فَرْجَه، وكان (٢٣) اللَّمْسُ منهما لشَهْوةٍ (٢٤)، فلا وُضُوءَ على واحدٍ منهما؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما علَى انْفِرادِه يَقِينُ الطَّهارةِ باقٍ في حَقِّه، والحَدَثُ مَشْكُوكٌ فيه. فلا نَزُولُ عن اليَقِينِ بالشَّكِّ؛ لأنه يَحْتَمِلُ أن يكونَا جَمِيعًا امْرَأَتَيْنِ، فلا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ لامِسِ الذَّكَرِ، ويَحْتَمِلُ أن يكونَا رَجُلَيْن، فلا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ لامِس الفَرْجِ. وإن مَسَّ كُلُّ واحدٍ منهما ذَكَرَ الآخَرِ، احتمل أن يكونا امْرَأتيْنِ، وقد مَسَّ كُلُّ واحد منهما خِلْقةً زائِدَةً من الآخَرِ. وإن مَسَّ كُلُّ واحدٍ منهما قُبُلَ الآخَرِ، احْتَمَلَ أن يكونَا رَجُلَيْنِ.

فصل: ولا يَنْتَقِضُ الوُضُوءُ بمَسِّ ما عدا الفَرْجَيْنِ من سائرِ البَدَنِ، كالرَّفْغِ (٢٥) والأُنْثَيَيْنِ (٢٦) والإِبْطِ، في قَوْلِ عامَّةِ أهلِ العِلْمِ؛ إلا أنه رُوِىَ عن عُرْوَة أنَّه (٢٧) قال: مَنْ مَسَّ أُنْثَيَيْهِ فَلْيَتَوَضَّأْ. وقال الزُّهْرِىُّ: أحَبُّ إلَىَّ أن يَتَوَضَّأَ. وقال عِكْرِمة: مَنْ مَسَّ ما بين الفَرْجَيْنِ فَلْيَتَوَضَّأ. وقَوْلُ الجُمْهورِ أَوْلَى؛ لأنَّه لا نَصَّ في هذا، ولا هو في مَعْنَى المَنْصُوصِ عليه، فلا يَثْبُتُ الحُكْمُ فيه، ولا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ المَلْمُوسِ أيضًا؛ لأن الوُجُوبَ من الشَّرْعِ، وإنما وَرَدَت السُّنَّةُ في اللَّامِسِ.

ولا يَنْتَقِضُ الوُضُوءُ بمَسِّ فرْجِ بَهِيمةٍ. وقال اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ: عليه الوُضُوءُ. وقال عَطَاء: مَنْ مَسَّ قُنْبَ (٢٨) حِمَارٍ، عليه الوُضُوءُ، ومَنْ مَسَّ ثَيْلَ جَمَلٍ لا وُضُوءَ عليه. وما قلناه قَوْلُ جُمْهُورِ العُلَماءِ، وهو أوْلَى؛ لأنَّ هذا ليس بمَنْصُوصٍ علَى النَّقْضِ به، ولا هو في مَعْنَى المَنْصُوصِ عليه، فلا وَجْهَ لِلْقَوْلِ به.


(٢٣) في م سقطت واو العطف من الأصل.
(٢٤) في م زيادة: "أو لغيرها".
(٢٥) الرفغ، بالفتح ويضم: وسخ الظفر ووسخ المغابن وأصل الفخذ.
(٢٦) الأنثيان: الخصيتان.
(٢٧) سقط من: م.
(٢٨) القنب، بالضم: جراب قضيب الدابة أو ذى الحافر.

<<  <  ج: ص:  >  >>