عليه، فَقَتَلَهُ، أو قَتَلَ صَيْدًا على فَرْعٍ فى الحَرَمِ أصلُه فى الحِلِّ، ضَمِنَه. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وحَكَى أبو الخَطَّابِ عن أحمدَ رِوَايَةً أُخْرَى، لا جَزَاءَ عليه فى جَمِيعِ ذلك؛ لأنَّ القَاتِلَ حَلَالٌ فى الحِلِّ. وهذا لا يَصِحُّ؛ فإنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:"لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا". ولم يُفَرِّقْ بينَ من هو فى الحِلِّ والحَرَمِ، وقد أجْمَعَ المُسْلِمُونَ على تَحْرِيمِ صَيْدِ الحَرَمِ، وهذا مِن صَيْدِه، ولأنَّ صَيْدَ الحَرَمِ مَعْصُومٌ بِمَحَلِّه لِحُرْمةِ (١١) الحَرَمِ، فلا يَخْتَصُّ تَحْرِيمُه بمن فى الحَرَمِ، وكذلك الحُكْمُ إن أمْسَكَ طَائِرًا فى الحِلِّ، فهَلَكَ فِرَاخُه فى الحَرَمِ، ضَمِنَ الفِرَاخَ؛ لما ذَكَرْنَا، ولا يَضْمَنُ الأُمَّ؛ لأنَّها من صَيْدِ الحِلِّ، وهو حَلَالٌ. وإن انْعَكَسَتِ الحالُ، فرَمَى من الحَرَمِ صَيْدًا فى الحِلِّ، أو أرْسَلَ كَلْبَه عليه، أو قَتَلَ صَيْدًا على غُصْنٍ فى الحِلِّ أصْلُه فى الحَرَمِ، أو أَمْسَكَ حَمَامَةً فى الحَرَمِ، فهَلَكَ فِرَاخُها فى الحِلِّ، فلا ضَمانَ عليه، كما فى الحِلِّ. قال أحمدُ، فى مَن أرْسَلَ كَلْبَه فى الحَرَمِ، فصادَ فى الحِلِّ: فلا شىءَ عليه. وحُكِىَ عنه، رِوَايَةٌ أُخْرَى، فى جَمِيعِ الصُّوَرِ: يَضْمَنُ. وعن الشَّافِعِىُّ ما يَدُلُّ عليه. وذَهَبَ الثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، فى مَن قَتَلَ طَائِرًا على غُصْنٍ فى الحِلِّ، أَصْلُه فى الحَرَمِ: لا جَزَاءَ عليه. وهو ظَاهِرُ قَوْلِ أصْحَابِ الرَّأْىِ. وقال ابنُ المَاجِشُون، وإسحاقُ: عليه الجَزاءُ؛ لأنَّ الغُصْنَ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ، وهو فى الحَرَمِ. ولَنا، أن الأصْلَ حِلُّ الصَّيْدِ، فحُرِّمَ صَيْدُ الحَرَمِ بقَوْلِه عليه السَّلَامُ:"لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا". وبالإِجْماعِ، فبَقِىَ ما عَدَاهُ على الأصْلِ، ولأنَّه صَيْدُ حِلٍّ صَادَهُ حَلالٌ، فلم يُحَرَّمْ، كما لو كانا فى الحِلِّ، ولأنَّ الجَزَاءَ إِنَّما يَجِبُ فى صَيْدِ الحَرَمِ، أو صَيْدِ المُحْرِمِ، وليس هذا بواحِدٍ منهما.
فصل: فإن كان الصَّيْدُ والصَّائِدُ فى الحِلِّ، فرَمَى الصَّيْدَ بِسَهْمِه، أو أرْسَلَ