للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخذَ شَيْئًا، لَزِمَه رَدُّه إن كان باقِيًا، أو عِوَضُه إن كان تالِفًا، ولا يحصُلُ التَّقاصُّ ههُنا؛ لأنَّ الدَّيْنَ الذى له لا (٦) يَسْتَحِقُّ أخذَه فى الحالِ، بخلافِ التى قبلَها. وإن كان مانِعًا له بغيرِ حَقٍّ، وقَدَرَ على استِخْلاصِهِ بالحاكِمِ أو السُّلْطانِ، لم يَجُزْ له الأَخْذُ أيضًا بغيرِه؛ لِأنَّهُ قدَرَ على استِيفَاءِ حَقِّهِ بمَنْ يَقُومُ مَقامَهُ، فأشْبَهَ ما لَو قَدَرَ على استِيفَائِهِ من وَكِيلِهِ. وإن لم يقْدِرْ على ذلك؛ لِكَوْنِه جاحِدًا له، ولا بَيِّنَةَ له (٧) به، أو لِكَوْنِهِ لا يُجيبُهُ إلى المُحاكَمَةِ، ولا يُمْكِنُهُ إجْبارُه على ذلك، أو نحو هذا، فالمشهور فى المذهبِ، أنَّه ليس له أَخذُ قَدْرِ حَقِّه. وهو إِحْدَى الرِّوايتَيْنِ عن مالكٍ. قال ابنُ عَقِيلٍ: وقد (٨) جعَل أصحابُنا الْمُحدَثونَ لجَوازِ الأَخْذِ وجْهًا فى المَذْهَبِ، [أخذًا من] (٩) حديثِ (١٠) هِنْد، حينَ (١١) قال لها النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمعْرُوفِ" (١٢). وقال أبو الخَطَّابِ: ويتخَرَّجُ لنا (١٣) جوازُ الأخْذِ؛ فإِنْ كان المَقْدُورُ عليه من جِنْسِ حَقِّهِ، أخَذَ بقَدْرِهِ، وإن كان من غَيْر جِنْسِهِ، تحَرَّى، واجْتَهَدَ فى تَقْويمِه، مَأخوذٌ من حَديثِ هِنْد، ومِنْ قولِ أحمدَ فى المُرْتَهَنِ: يَرْكَبُ ويَحْلُبُ، بقَدْرِ ما يُنْفِقُ، والمَرْأَةُ تأْخُذُ مُؤْنَتَها، وبائِعُ السِّلعَةِ يأْخُذُها مِنْ مالِ المُفْلِسِ بغَيْر رِضَاهُ (١٤). وقال الشَّافِعِىُّ: إن لم يَقْدِر على استِخْلاص حَقِّهِ بِبَيِّنَةٍ (١٥)، فلَهُ أخْذُ قدْرِ حَقِّهِ من جِنْسِه أو من غَيْرِ جِنْسِهِ، وإن كانت له بِبَيِّنَةٌ، وقدَرَ على استِخْلاصِهِ، ففيه وَجْهانِ. والمشهورُ من مذهبِ مالِكٍ، أنَّهُ إن لم يكُنْ لغيرِهِ عليه دَيْن، فله أن يَأْخُذَ بقَدْرِ حَقِّه، وإن كان عليه دَيْنٌ، لم يَجُزْ؛ لِأنَّهما يتَحاصَّان (١٦) فى مالِهِ إذا أَفْلَسَ. وقال


(٦) سقط من: الأصل.
(٧) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٨) سقط من: أ، م.
(٩) فى م: "أمن".
(١٠) فى أ: "بحديث".
(١١) فى م: "وقد قال".
(١٢) تقدم تخريجه، فى: ١١/ ٣٤٨.
(١٣) سقط من: ب.
(١٤) فى م: "رضا".
(١٥) فى م: "بعينه".
(١٦) فى أ: "يتحاصمان".

<<  <  ج: ص:  >  >>