للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزكاةِ، سَوَاءٌ كانتْ خُلْطَةَ أعْيانٍ، وهى أن تكونَ المَاشِيَةُ مُشْتَرَكَةً بينهما، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُما (١) نَصِيبٌ مَشَاعٌ، مثل أن يَرِثَا نِصَابًا أو يَشْتَرِيَاهُ، أو يُوهَبَ لهما، فيُبْقِيَاهُ بِحَالِه، أو خُلْطَة أوْصَافٍ، وهى أن يكونَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ منهما مُتَمَيِّزًا (٢)، فخَلَطَاهُ، واشْتَرَكا فى الأوْصَافِ التى نَذْكُرُها، وسَوَاءٌ تَسَاوَيَا فى الشَّرِكَةِ، أو اخْتَلَفَا، مثل أن يكونَ لِرَجُلٍ شَاةٌ، ولآخَرَ تِسْعَةٌ وثَلاثُونَ، أو يكونَ لأرْبَعِينَ رَجُلًا أرْبَعُونَ شَاةً، لِكُلِّ وَاحِدٍ منهم شَاةٌ، نَصَّ عليهما أحمدُ. وهذا قَوْلُ عَطَاءٍ، والأوْزَاعِىِّ، والشَّافِعِىِّ، واللَّيْثِ، وإسحاقَ. وقال مَالِكٌ: إنَّما تُؤَثِّرُ الخُلْطَةُ إذا كان لِكُلِّ وَاحِدٍ من الشُّرَكَاءِ نِصَابٌ. وحُكِىَ ذلك عن الثَّوْرِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، واخْتَارَهُ ابنُ المُنْذِرِ. وقال أبو حنيفةَ: لا أثَرَ لها بِحَالٍ؛ لأنَّ مِلْكَ كل وَاحِدٍ دُونَ النِّصَابِ، فلم يَجِبْ عليه زَكَاةٌ، كما لو لم يَخْتَلِطْ بِغَيْرِه. ولأبى حنيفةَ، فيما إذا اخْتَلَطَا فى نِصَابَيْنِ، أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما يَمْلِكُ أَرْبَعِينَ من الغَنَمِ، فَوَجَبَتْ عليه شَاةٌ؛ لِقَوْلِه عليه السلامُ: "فى أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ" (٣). ولَنا، ما رَوَى البُخَارِىُّ، فى حديثِ أَنَسٍ الذى ذَكَرْنَا أَوَّلَهُ (٤): "لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، ولا يُفَرَّقُ بين مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، ومَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهما بالسَّوِيَّةِ". ولا يَجِىءُ التَّراجُعُ إلَّا علَى قَوْلِنَا فى خُلْطَةِ الأوْصَافِ. وقوله: لا يُجْمَعُ بين مُتَفَرِّقٍ. إنَّما يكونُ هذا إذا كان لِجَمَاعَةٍ، فإنَّ الوَاحِدَ يَضُمُّ مَالَهُ بَعْضَه إلى بَعْضٍ، وإن كان فى أمَاكِنَ، وهكذا (٥) لا يُفَرَّقُ بين مُجْتَمِعٍ. ولأنَّ لِلْخُلْطَةِ تَأْثِيرًا فى تَخْفِيفِ المُؤْنَةِ، فجازَ أن تُؤثِّرَ فى الزكاةِ كالسَّوْمِ (٦) والسَّقْىِ، وقِيَاسُهم مع


(١) فى م زيادة: "منه".
(٢) فى ا، ب، م: "مميزا".
(٣) تقدم تخريجه فى صفحة ٤١.
(٤) تقدم تخريجه فى صفحة ١٠.
(٥) فى م: "وهذا".
(٦) فى ا، م: "كالسموم" خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>