للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرَكها عندَه إلى وقتِ مُضِيِّهِ إلى مَنْزِله فى العادةِ فتَلِفَتْ، لم يَضْمَنْها؛ لأنَّ العادةَ أَنَّ الإِنسانَ إذا أُودِعَ شيئًا وهو فى دُكانِه، أَمْسَكه فى دُكَّانِه [أو فى ثِيابِه] (١٢) إلى وقتِ مُضِيِّه إلى منزِلِه، فَيْسْتَصْحِبُه معه، والمُودِعُ عالِمٌ بهذه العادةِ (١٣) راضٍ بها، ولو لم يَرْضَ بها لَشَرَطَ عليه خِلَافَها، واصمرَه بتَعْجِيلِ حَمْلِها، فإما أن يَقْبَلَها بهذا الشرطِ أو يَرُدَّها. وإن قال: اجْعَلْها فى كُمِّكَ. فجَعَلَها فى جَيْبِه، لم يَضْمَنْها؛ لأنَّ الجَيْبَ أحْرَزُ لها، لأنَّه (١٤) ربَّما نَسِىَ، فيَسْقُطُ (١٥) الشىءُ من كُمِّه، بخلافِ الجَيْبِ. وإن قال: اجْعَلْها فى جَيْبكَ. فَتَركَها فى كُمِّه، ضَمِنَها لذلك. وإن جَعَلَها فى يَدِه، ضَمِنَ أيضًا، كذلك. وإن قال: اجْعَلْها فى كُمِّكَ. فتَرَكَها فى يَدِه ففيه وَجْهان؛ أحدهما، يَضْمَنُ؛ لأنَّ سُقوطَ الشىءِ من اليَد مع النِّسْيانِ أكْثَرُ من سُقُوطِه من الكُمِّ. والثانى، لا يضمنُ؛ لأنَّ اليَدَ لا يَتَسَلَّطُ عليها الطَّرَّارُ بالبَطِّ (١٦)، والكُمُّ (١٧) بخِلافِه، ولأنَّ كلَّ واحدٍ فهما أحْرَزُ من وَجْهٍ، [فيَتَساويانِ. ولِمَن نَصَرَ الوَجْهَ الأوَّلَ أن يقولَ: متى كان كلُّ واحدٍ منهما أحْرَزَ من وجهٍ] (١٨)، وَجَبَ أن يَضْمَنَ؛ لأنَّه فَوَّتَ الوَجْهَ المأْمورَ بالحِفْظِ به، وأتى بما لم يُؤْمَرْ به، فضَمِنَ لمُخَالَفَتِه. وعلى هذا لو أَمَرهُ (١٩) بتَرْكِها فى يَدِه، فجَعلها فى كُمِّه، ضَمِنَ لذلك. وقال القاضى: اليَدُ أحْرَزُ عند المُغالَبةِ، [والكُمُّ أحْرَزُ منه عند عَدَمِ المُغالَبةِ] (٢٠). فعلى هذا، إن أُمِرَ بتَرْكِها فى يَدِه، فشَدَّها فى كُمِّه عندَ غيرِ الْمُغالَبةِ، [فلا ضَمانَ عليه] (٢١)، وإن فَعَلَ ذلك عند المُغالَبةِ ضَمِنَ. وإن أَمَره بشَدِّها


(١٢) سقط من: ب.
(١٣) فى م: "الحالة".
(١٤) فى م زيادة: "إنما".
(١٥) فى الأصل، ب: "فسقط".
(١٦) بط الطرار الكم: شقه.
(١٧) فى م: "والحكم".
(١٨) سقط من: ب. نقل نظر.
(١٩) فى الأصل، أ، م: "أبو".
(٢٠) سقط من: أ، م.
(٢١) فى ب: "لم يضمن".

<<  <  ج: ص:  >  >>