للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهْرانِ. رَوَاه عنه جَماعةٌ من أصْحابِه، واحْتَجَّ فيه بقولِ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: عِدّةُ أُمِّ الوَلدِ حَيْضَتانِ، ولو لم تَحِضْ كان عِدَّتُها شَهْرينِ. رواه الأثْرَمُ عنه بإسْنادِه (٢). وهذا قولُ عَطاءٍ، والزُّهْرِىِّ، وإسحاقَ، وأحَدُ أقْوالِ (٣) الشافعىِّ؛ لأنَّ الأَشْهُرَ بَدَلٌ من القُرُوءِ، وعِدَّةُ ذاتِ القُرُوءِ قُرْءان، فبَدَلُهما شَهْرانِ، ولأنَّها مُعْتَدَّةٌ بالشُّهُورِ عن غيرِ الوَفاةِ، فكان عَدَدُها كعَدَدِ القُروءِ، لو كانت ذاتَ قُروءٍ (٤)، كالحُرَّةِ. والرِّواية الثانية، أَنَّ عِدّتَها شَهْرٌ ونِصْفٌ. نَقَلَها المَيْمُونِىُّ، والأثرمُ، واختارَها أبو بكرٍ. وهذا قولُ علىٍّ (٥) رضِىَ اللَّه عنه. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عمرَ (٥) وابنِ المُسَيَّبِ، وسالمٍ، والشَّعْبِىِّ، والثَّوْرِىَّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وهو قولٌ ثانٍ للشافعىِّ؛ لأنَّ عِدَّةَ الأَمَةِ نِصْفُ عِدَّةِ الحُرَّةِ، وعِدَّةُ الحُرَّةِ ثلاثةُ أشْهُرٍ، فنِصْفُها شَهْرٌ ونِصْفٌ، وإنَّما كَمَّلْنا لذاتِ الحَيْضِ حَيْضتَيْنِ، لتَعَذُّرِ تَبْعِيضِ الحَيْضَةِ، فإذا صِرْنا إلى الشُّهُورِ، أمْكَنَ التَّنْصِيفُ، فوَجَبَ المَصِيرُ إليه، كما فى عِدَّةِ الوَفاةِ، ويَصِيرُ هذا كالمُحْرِمِ، إذا وَجَبَ عليه فى جَزاءِ الصَّيْدِ نِصْفُ مُدٍّ، أجْزَأه إخْراجُه، فإنْ أراد الصِّيَامَ مَكانَه، صامَ يومًا كاملًا. ولأنَّها عِدَّةٌ أمْكَنَ تَنْصِيفُها، فكانتْ على النِّصْفِ من عِدَّةِ الحُرَّةِ، [كعِدَّةِ الوَفاةِ، ولأنَّها مُعَتَدَّةٌ بالشُّهُورِ، فكانت على النِّصْفِ من عِدَّةِ الحُرَّةِ] (٦) كالمُتَوَفَّى عنها زَوْجُها (٧). والرّواية الثالثة، أَنَّ عِدَّتَها ثلاثةُ أشْهُرٍ. ورُوِىَ ذلك عن الحسنِ، ومُجاهدٍ، وعمرَ بن عبد العزيزِ، والنَّخَعِىِّ، ويحيى الأنْصارىِّ، ورَبِيعةَ، ومالكٍ، وهو القولُ الثالثُ للشافعىِّ؛ لعُمُومِ قوله تعالى: {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُر} (٨). ولأنَّه اسْتِبْراءٌ


(٢) وأخرجه البيهقى، فى: باب عدة الأمة، من كتاب العدد. السنن الكبرى ٧/ ٤٢٥.
(٣) فى أ، م: "قولى".
(٤) فى أ، ب، م: "قرء".
(٥) أخرجهما ابن أبى شيبة، فى: باب ما قالوا: كم عدة الأمة اذا طلقت، من كتاب الطلاق. المصنف ٥/ ١٦٦، ١٦٧.
(٦) سقط من: ب. نقل نظر.
(٧) سقط من: ب.
(٨) سورة الطلاق ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>