للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها أحَدُهما على الآخَرِ، فاقْتَضَى التَّسْوِيَةَ، كما لو قال: هذه الدَّارُ بَيْنِى وبَيْنَكَ. وإن قَدَّرَ نَصِيبَ العامِلِ، فقال: ولك ثُلُثُ الرِّبْحِ، أو رُبْعُه، أو جُزْءٌ مَعْلُومٌ، أىّ جُزْءٍ كان. فالباقِى لِرَبِّ المالِ؛ لأنَّه يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ بمالِه، لكَوْنِه نَمَاءَهُ وفَرْعَهُ، والعامِلُ يَأْخُذُ بالشَّرْطِ، فما شُرِطَ له (١٥) اسْتَحَقَّهُ، وما بَقِىَ فلِرَبِّ المالِ بِحُكْمِ الأَصْلِ. وإن قَدَّرَ نَصِيبَ رَبِّ (١٦) المالِ، مثل أن يقولَ: ولِى ثُلُثُ الرِّبْحِ. ولم يَذْكُرْ نَصِيبَ العامِلِ، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، لا يَصِحُ؛ لأنَّ العامِلَ إنَّما يَسْتَحِقُّ بالشَّرْطِ، ولم يُشْتَرَطْ له شَيءٌ، فتكونُ المُضَارَبَةُ فاسِدَةً. والثانى، يَصِحُّ، ويكون الباقِى لِلْعَامِلِ. وهذا قولُ أبى ثَوْرٍ، وأصْحَابِ الرَّأْىِ؛ لأنَّ الرِّبْحَ لهما لا يَسْتَحِقُّه غيرُهما، فإذا قُدِّرَ نَصِيبُ أحَدِهما منه فالباقِى للآخَرِ من مَفْهُومِ اللَّفْظِ، كما عُلِمَ ذلك من قَوْلِه تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} (١٧). ولم يَذْكُرْ نَصِيبَ الأَبِ، فعُلِمَ أنَّ الباقِىَ له. ولأنَّه لو قال: أَوْصَيْتُ بهذه المائةِ لِزَيْدٍ وعَمْرٍو. ونَصِيبُ زَيْدٍ منها ثَلَاثُون، كان الباقِى لِعَمْرٍو. كذا ههُنا. وإن قال: لي النَّصْفُ ولك الثُّلُثُ. وسَكَتَ عن السُّدُسِ، صَحَّ. وكان لِرَبِّ المالِ؛ لأنَّه لو سَكَتَ عن جَمِيعِ الباقِى بعد جُزْءِ العامِلِ كان لِرَبِّ المالِ؛ فكذلك إذا ذَكَرَ بعضَه وتَرَكَ بعضَه. وإن قال: خُذْهُ مُضَارَبةً على الثُّلُثِ أو النِّصْفِ. أو قال: بالثُّلُثِ أو الرُّبْعِ. صَحَّ، وكان تَقْدِيرُ النَّصِيبِ لِلْعَامِل؛ لأنَّ الشَّرْطَ يُرَادُ لأَجْلِه، فإنَّ رَبَّ المالِ يَسْتَحِقُّ بمالِه لا بالشَّرْطِ، والعامِلُ يَسْتَحِقُّ بالعَمَلِ، والعَمَلُ يَكْثُرُ ويَقِلُّ، وإنَّما تَتَقَدَّرُ حِصَّتُه بالشَّرْطِ، فكان الشَّرْطُ له، ومتى شَرَطَا لأحَدِهِما شيئا، واخْتَلَفَا في الجُزْءِ المَشْرُوطِ لمن هو؟ فهو لِلْعَامِلِ، قَلِيلًا كان أو كَثِيرًا؛ لذلك. وإن قال: خُذْهُ مُضَارَبةً، ولك ثُلُثُ الرِّبْحِ، وثُلُثُ ما بَقِىَ. صَحَّ، وكان له خَمْسَةُ أَتْسَاعٍ؛ لأنَّ هذا معناه. وإن قال: لك ثُلُثُ الرِّبْحِ، ورُبْعُ ما بَقِى. فله


(١٥) سقط من: أ.
(١٦) سقط من: الأصل.
(١٧) سورة النساء ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>