للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُتِىَ به الخامِسَةَ، قال: "اقْتُلُوهُ". قال: فانطلَقْنَا به، فَقَتَلْنَاه، ثم اجْترَرْنَاه فألْقَيْناه في بئرٍ رواه أبو دَاودَ (٥). وعن أبي هُرَيْرَةَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في السَّارِقِ: "إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ" (٦). ولأنَّ اليسارَ تُقْطَعُ قَوَدًا، فجازَ قطعُها في السَّرِقَةِ، كاليُمْنَى، ولأنَّه فعلُ أبى بكرٍ، وعمرَ، رَضِىَ اللهُ عنهما. وقد قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اقْتَدُوا باللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِى؛ أبِى بَكْرٍ، وعُمَرَ" (٧). ولَنا، ما روَى سعيدٌ، حدَّثنا أبو مَعْشَرٍ، عن سعيدِ بن أبي سعيد المَقْبُرِىِّ، عن أبيه، قال: حضرتُ علىَّ بنَ أبى طالبٍ، رَضِىَ اللهُ عنه، أُتِىَ بِرَجُلٍ مَقْطوعِ اليَدِ والرِّجْلِ قد سَرَقَ، فقال لأصحابه: ما تَرَوْنَ في هذا؟ . قالوا: اقطَعْهُ يا أميرَ المؤمنين. قال: قَتَلْتُه إذًا، وما عليه القَتْلُ، بأيِّ شيءٍ يأكلُ الطَّعَامَ؟ بأىِّ شَىءٍ يَتَوَضَّأُ للصَّلَاةِ؟ بأى شيءٍ يَغْتَسِلُ من جَنَابَتِه؟ بأى شَىْءٍ يقومُ على حاجَتِه؟ فرَدَّه إلى السِّجْنِ أيَّامًا، ثم أخرجَه، فاسْتَشارَ أصحابَه، فقالوا مِثْلَ قولِهِم الأوَّلِ، وقال لهم مِثْلَ ما قال أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَجَلَدَه جَلْدًا شديدًا، ثم أرْسَلَه (٨). ورُوِىَ عنه، أنَّه قال: إنِّي لأسْتَحِى من اللهِ أنْ لا أَدَعَ له يدًا يَبْطِشُ بها، ولا رِجْلًا يَمْشى عليها (٨). ولأنَّ في قَطْعِ اليدَيْن تَفْويتَ مَنْفَعةِ الجنسِ، فلم يُشْرَعْ في حدٍّ، كالقَتْلِ، ولأنَّه لو جازَ قطعُ اليَدَيْن، لقُطِعَتِ اليُسْرَى في المرَّةِ الثانيةِ؛ لأنَّها آلةُ البَطْشِ كاليُمْنَى، وإنما لم تُقْطَعْ للمَفْسدَةِ في قَطْعِها، لأنَّ ذلك بمنزلَةِ الإِهْلاكِ، فإنَّه لا يُمْكِنُه أن يَتَوَضَّأَ، ولا يَغْتَسِلَ، ولا يَسْتَنْجِىَ، ولا يَحْتَرِزَ من نَجاسةٍ، ولا يُزِيلَها


(٥) في: باب في السارق سرق مرارا، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٥٤.
كما أخرجه النسائي، في: باب قطع اليدين والرجلين من السارق، من كتاب قطع السارق. المجتبى ٨/ ٨٣، ٨٤.
(٦) تقدم تخريجه، في صفحة ٤٤٠.
(٧) وأخرجه الترمذي، في: باب في مناقب أبى بكر وعمر رضى اللَّه عنهما كليهما، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذى ٣/ ١٢٩. وابن ماجه، في: باب في فضائل أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، من المقدمة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٧. والإِمام أحمد في: المسند ٥/ ٣٨٢، ٣٨٥، ٣٩٩، ٤٠٢.
(٨) أخرجه البيهقي، في: باب السارق يعود فيسرق ثانيا، من كتاب السرقة. السنن الكبرى ٨/ ٢٧٥. وعبد الرزاق، في: باب قطع السارق، من كتاب اللقطة. المصنف ١٠/ ١٨٦. وابن أبي شيبة، في: باب في السارق يسرق فتقطع يده. . ., من كتاب الحدود. المصنف ٩/ ٥١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>