للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يدْعُو إلى الإِسلام قبلَ أنْ يُحارِبَ، حتَّى أظهَرَ اللهُ الدينَ، وعَلَا الإِسلامُ، ولا أعْرِفُ اليومَ أحدًا يُدْعَى، قد بَلَغَت الدَّعْوَةُ كلَّ أحَدٍ، والرومُ قد بَلَغَتْهُم الدّعوةُ، وعَلِمُوا ما يُرادُ منهم، وإنَّما كانت الدَّعوةُ في أوَّل الإِسلام، وإنْ دَعَا فلا بأْسَ. وقد رَوَى ابنُ عُمَرَ رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أغارَ على بنى المُصْطَلِقِ، وهم غَارُّونَ آمِنُون، وإِبِلُهم تُسْقَى على الماءِ فقَتَل المُقاتِلَةَ؛ وسَبَى الذُّرِّيَّةَ. مُتَّفَقٌ عليه (٣). وعن الصَّعْبِ بن جَثَّامَةَ، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُسْأَلُ عن الدِّيارِ من ديارِ المُشْركِينَ، يَبِيتُونَ فيُصِيبُونَ من نسائِهم وذرارِيهمْ، فقال: "هُمْ مِنْهُم". مُتَّفَقٌ عليه (٤). وقال سَلَمَةُ بن الأَكْوَع: أَمَّرَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا بَكْرٍ، فَغَزَوْنا ناسًا من المُشْركين، فَبَيَّتْناهُم. رَواه أبو داوُدَ (٥). ويَحْتَمِلُ أنْ يُجْعَلُ الأمْرُ بالدَّعْوةِ في حديثِ بُرَيْدَةَ على الاسْتِحْبابِ، فإنَّها مُسْتَحَبَّةٌ في كلِّ حالٍ، وقد رُوِىَ أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَمَرَ عَلِيًّا حينَ أعْطاهُ الرَّايةَ يومَ خَيْبَر، وبَعَثَه إلى قِتالِهم، أنْ يَدْعُوَهم، وهم مِمَّنْ بلَغَتْه (٦) الدَّعْوةُ. روَاه البُخارِيُّ (٧). ودَعا خالدُ بن الوليد طُلَيْحَةَ الأَسَدِىَّ، حينَ تَنَبَّأَ، فلم يَرْجِعْ، فأظْهَرَهُ اللهُ عليه (٨). ودَعا سَلْمانُ أهلَ فارِسَ (٩). فإذا ثَبَتَ هذا، فإنْ كان


(٣) أخرجه البخاري، في: باب من ملك من العرب رقيقا، فوهب. . ., من كتاب العتق. صحيح البخاري ٣/ ١٩٤. ومسلم، في: باب جواز الإِغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام. . ., من كتاب الجهاد والسير. صحيح مسلم ٣/ ١٣٥٦.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في دعاء المشركين، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود ٢/ ٤٠. والإِمام أحمد، في: إلمسند ٢/ ٣١، ٣٢، ٥١.
(٤) أخرجه البخاري، في: باب أهل الدار يبيتون، من كتاب الجهاد. صحيح البخاري ٤/ ٧٤. ومسلم، في: باب جواز قتل النساء والصبيان في البيات من غير تعمد، من كتاب الجهاد والسير. صحيح مسلم ٣/ ١٣٦٤، ١٣٦٥. كما أخرجه أبو داود، في: باب في قتل النساء، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود ٢/ ٥٠. والترمذي، في: باب ما جاء في النهي عن قتل النساء والصبيان، من أبواب السير. عارضة الأحوذي ٧/ ٦٥. وابن ماجه، في: باب الغارة والبيات. . ., من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٤٧. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٣٨.
(٥) في: باب في البيات، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود ٢/ ٤١.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٤٧.
(٦) في م: "بلغتهم".
(٧) في: باب غزوة خيبر، من كتاب المغازي. صحيح البخاري ٥/ ١٧١.
(٨) انظر: ما أخرجه البيهقي، في: باب من قال في المرتد: يستتاب مكانه، من كتاب المرتد السنن الكبرى ٨/ ٢٠٦.
(٩) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب في دعاء المشركين قبل أن يقاتلوا، من كتاب الجهاد. المصنف ١٢/ ٣٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>