للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوزُ لحِفْظِها (٣٠) لِصَاحِبِها، فإن الْتَقَطَها عَرَّفَها أبَدًا حتى يَأْتِىَ صاحِبُها. وهو قولُ عبدِ الرحمنِ بن مَهْدِىٍّ، وأبى عُبَيْدٍ. وعن الشافِعِىِّ كالمَذْهَبَيْنِ. والحُجَّةُ لهذا القولِ قولُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في مَكَّةَ: "لَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ". مُتَّفَقٌ عليه (٣١). وقال أبو عُبَيْدٍ (٣٢): المُنْشِدُ المُعَرِّفُ، والناشِدُ الطالِبُ. وينشد:

إصَاخَةَ النّاشِدِ لِلْمُنْشِدِ

فيكون مَعْناه لا تَحِلُّ لُقَطَةُ مَكةَ إلَّا لمن يُعَرِّفُها؛ لأنها خُصَّتْ بهذا من سائِر البُلْدانِ. ورَوَى يَعْقُوبُ بن شَيْبَةَ، في "مُسْنَدِه" (٣٣) عن عبدِ الرَّحْمنِ بن عُثْمانَ التَّيّمِىّ، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن لُقَطَة الحاجِّ. قال ابنُ وَهْبٍ: يَعْنِى يَتْرُكُها حتى يَجِدَها صاحِبُها. رَوَاه أبو دَاوُدَ (٣٤) أيضًا. وَوَجْهُ الرِّوَايةِ الأُولَى عُمُومُ الأحادِيثِ، وأنَّه أحَدُ الحَرَمَيْنِ، فأشْبَه حَرَمَ المَدِينةِ، ولأنَّها أمانَةٌ فلم يَخْتَلِفْ حُكْمُها بالحِلِّ والحَرَمِ، كالوَدِيعَةِ. وقولُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إلَّا لِمُنْشِدٍ". يَحْتَمِلُ أن يُرِيدَ إلَّا لمن عَرَّفَها عامًا،


(٣٠) في م: "حفظها".
(٣١) أخرجه البخارى، في: باب كيف تعرف لقطة أهل مكة، من كتاب اللقطة، وفى: باب وقال الليث حدثني يونس. . ., من كتاب المغازى، وفى: باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، من كتاب الديات. صحيح البخارى ٣/ ١٦٤، ١٦٥، ٥/ ١٩٤، ٩/ ٦. ومسلم، في: باب تحريم مكة وصيدها وخلاها. . ., من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٨٨، ٩٨٩.
كما أخرجه أبو داود، في: باب تحريم حرم مكة، من كتاب المناسك سنن أبي داود ١/ ٤٦٥. والنسائي، في: باب النهى أن ينفر صيد الحرم، من كتاب المناسك. المجتبى ٥/ ١٦٦. وابن ماجه، في: باب فضل مكة، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٣٨. والدارمى، في: باب النهى عن لقطة الحاج، من كتاب البيوع. سنن الدارمي ٢/ ٢٦٥. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٣١٨، ٣٤٨، ٢/ ٢٣٨.
(٣٢) في غريب الحديث ٢/ ١٣٣.
(٣٣) يعقوب بن شيبة السدوسى البصري الحافظ، صاحب المسند المعلل، توفى سنة اثنتين وستين ومائتين. العبر ٢/ ٢٥.
(٣٤) في كتاب اللقطة، سنن أبي داود ١/ ٣٩٩.
كما أخرجه مسلم، في: باب في لقطة الحاج، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٣/ ١٣٥١. والإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ٤٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>