للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلِمْنا قولَه من أهلِ العلمِ؛ لأنَّنا نعلمُ أنَّها عَلِقَتْ به قبلَ أن يتَزَوّجَها. وإن كان الزوجُ طِفْلًا له أقلُّ من عَشْرِ سِنِين، فأتَتِ امرأتُه بولدٍ، لم يَلْحَقْه؛ لأنَّه لا (٢٠) يُوجَدُ ولدٌ لمِثْلِه، ولا يُمْكِنُه الوَطْءُ. وإن كان له عَشْرٌ، فحمَلتِ امرأتُه، لَحِقَه ولدُها؛ لقولِ النبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "واضْرِبُوهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ لِعَشْرٍ، وفرقُوا بَيْنَهُمْ فى الْمَضَاجِعِ (٢١) ". وقال القاضى: يَلْحَقُ به، إذا أتَتْ به لتِسْعةِ أعوامٍ ونصفِ عامٍ مُدّةِ الحَمْلِ؛ لأنَّ الجارِيةَ يُولَدُ لها لتِسْعٍ، فكذلك الغلامُ. وقال أبو بكر: لا يَلْحَقُه حتى يَبْلُغ؛ لأنَّ الولدَ إنَّما يكونُ من الماءِ، ولا ينْزِلُ حتى يَبْلُغَ. ولَنا، أنَّه زَمَنٌ يُمْكِنُ البُلُوغُ فيه، فيَلْحَقُه الولدُ، كالبالغِ، وقد رُوِىَ أَنَّ عمرَو بن العاص، وابنَه عبد اللَّه، لم يَكُنْ بينهما إلَّا اثنا عَشَرَ عاما، وأمْرُ النبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالتَّفْريقِ بينهم، دَلِيلٌ على إمكانِ الوَطْءِ الذى هو سَبَبُ الولادةِ، وأمَّا قياسُ الغُلامِ على الجاريةِ، فغيرُ صحيحٍ، فإنَّ الجارِيةَ يُمْكِنُ الاسْتِمْتاعُ بها لِتسْع عادةً، والغُلامُ لا يُمْكِنُه الاسْتِمْتاعُ لتسعٍ، وقد تَحِيضُ لتسعٍ، وما عَهِدْنا (٢٢) بلوغَ غُلامٍ لتسعٍ. ولو تزَوَّجَ رجلٌ امرأةً فى مجلسٍ، ثم طَلَّقَها فيه قبلَ غيْبَتِه عنهم، ثم أتَتِ امرأتُه بولدٍ لسِتَّةِ أشْهُرٍ من حينِ العَقْدِ، أو تزَوَّجَ مشْرِقىٌّ بمَغْرِبِيَّة، ثم مَضَتْ سِتَّةُ أشْهُرٍ، وأتَتْ بولدٍ، لم يَلْحَقْه. وبذلك قال مالكٌ، والشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَلْحَقُه نَسَبُه؛ لأنَّ الولدَ إنَّما يلْحَقُه بالعَقْدِ، ومُدَّةِ الحَمْلِ، ألَا تَرَى أنَّكم قُلْتُم: إذا مَضَى زمانُ الإِمْكانِ، لَحِقَ الولدُ، وإن عُلِمَ أنَّه لم يَحْصُلْ منه الوَطْءُ. ولَنا، أنَّه لم يَحْصُلْ إمْكانُ الوَطْءِ [فى هذا] (٢٣) العقدِ، فلم يَلْحَقْ به الولدُ، كزَوْجةِ ابن سَنَةٍ، أو كما لو وَلَدَتْه لدُونِ سِتَّةِ أشْهُرٍ، وفارَقَ ما قاسُوا عليه؛ لأنَّ الإِمْكانَ إذا وُجِدَ لم يُعْلَمْ أنَّه ليس منه قَطْعًا، لجوازِ أن يكونَ وَطِئَها من حيثُ لا يَعْلَمُ، ولا سبيلَ لنا إلى معرفةِ حقيقةِ الوَطْءِ، فعَلَّقْنا الحُكْمَ على إمْكانِه فى النِّكاحِ، ولم


(٢٠) سقط من: م. وفى الأصل، ب: "لم".
(٢١) تقدم تخريجه فى: ٢/ ٣٥.
(٢٢) فى أ، ب، م: "عهد".
(٢٣) فى م: "بهذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>