للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْتَحَاضَةً في الشَّهْرِ الرَّابِعِ. وقد نُقِلَ عن أحمدَ ما يَدُلُّ على صِحَّةِ قولِ الأصْحَابِ؛ فرَوَى صَالِح، قال: قال أبى: أوَّلُ ما يَبْدَأُ الدَّمُ بالمَرْأَةِ تَقْعُدُ سِتَّةَ أَيَّامٍ أو سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وهو أكْثَرُ ما تَجْلِسُهُ النِّسَاءُ على حَدِيثِ حَمْنَةَ. فَظَاهِرُ (٢) هذا أَنَّها تَجْلِسُ ذلك في أوَّلِ حَيْضِها. وقولُه: أكْثَرُ مَا تَجْلِسُهُ النِّسَاءُ. يَعْنِى أنَّ الغَالِبَ مِن النِّسَاءِ هكذا يَحِضْنَ. ورَوَى حَرْبٌ عنه قال: سألتُ أبا عبدِ اللهِ قلتُ: امْرَأةٌ أوَّلَ ما حَاضتْ اسْتَمَرَّ بها الدَّمُ، كم يَوْمًا تَجْلِسُ؟ قال: إنْ كان مِثْلُهَا مِن النِّسَاءِ مَن يَحِيضُ (٣)، فإنْ شاءتْ جلستْ سِتًّا أو سَبْعًا، حتى يَتَبَيَّنَ لها حَيْضٌ وَوَقْتٌ، وإنْ أرَادَت الاحْتِياطَ، جلستْ يومًا واحِدًا، أوَّلَ مَرَّةٍ حتى تَتَبَيَّنَ وَقْتَها. وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: قالوا هذا، وقالوا هذا، فأيُّها أخَذَتْ فهو جَائِزٌ. ورَوَى الخَلَّالُ، بإسْنَادِهِ، عن عَطَاءٍ، في البِكْرِ تُسْتَحَاضُ، ولا تَعْلَمُ لها قُرْءًا، قال: لِتَنْظُرْ قُرْءَ أُمِّها أو أُخْتِها أو عَمَّتِها أو خَالَتِها، فَلْتَتَرُكِ الصَّلَاةَ عِدَّةَ تلك الأيَّامِ، وتَغْتَسِلُ وتُصَلِّى. قال حَنْبَلٌ: قال أبو عبد اللَّه: هذا حَسَنٌ. واسْتَحْسَنَهُ جِدًّا. وهذا يَدُلُّ على أنَّه أَخَذَ به، وهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، والثَّوْرِىِّ، والأوْزَاعِىِّ. ورُوِىَ عن أحمدَ: أَنَّها تَجْلِسُ أكْثَرَ الحَيْضِ. إلَّا أنَّ المشهورَ في الرِّوَايَةِ عنه مِثْلُ ما ذَكَرَ الْخِرَقِىُّ؛ وقال مالكٌ وأبو حنيفة، والشَّافِعِىُّ: تَجْلِسُ جميعَ الأيَّامِ التي تَرَى الدَّمَ فيها إلى أكْثَرِ الحَيْضِ، فإن انْقَطَعَ لأَكْثَرِهِ فما دُونَ، فالجميعُ حَيْضٌ؛ لأنَّا حَكَمْنا بأنَّ ابْتِدَاءَ الدَّمِ حَيْضٌ مع جَوَازِ أنْ يكونَ اسْتِحَاضَةً، فكذلك أثْناؤُه، ولأنَّنا حَكَمْنا بِكَوْنِه حَيْضًا، فلا نَنْقُضُ ما حَكَمْنا به بالتَّجْوِيزِ، كما في المُعْتادَة، ولأنَّ دَمَ الحَيْضِ دَمُ جِبِلَّةٍ، والاسْتِحَاضَةُ دَمٌ عَارِضٌ لِمَرَضٍ عَرَضَ؛ وعِرْقٍ انْقَطَعَ، والأصْلُ فيها الصِّحَّةُ والسَّلَامةُ، وأنَّ دَمَها دَمُ الجِبِلَّةِ دُونَ العِلَّةِ. ولَنا، أنَّ في إجْلَاسِها أكْثَرَ مِنْ أقلِّ الحَيْضِ حُكْمًا بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِها مِن عِبادةٍ وَاجَبةٍ عليها؛ فلم يُحْكَمْ به أوَّلَ مَرَّةٍ، كالمُعْتَدَّةِ لا يُحْكَمُ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِها مِن العِدَّةِ بأوَّلِ حَيْضَةٍ، ولا يَلْزَمُ اليَوْمُ والليلَةُ،


(٢) في الأصل: "وظاهر".
(٣) في م: "يحضن".

<<  <  ج: ص:  >  >>