للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: أطْعِمُوهُ قَوْمًا حَلالًا، فإنَّا حُرُمٌ. ثم قال علىٌّ: أَنْشُدُ اللَّه مَن كان هاهُنا مِن أشْجَعَ، أَتَعْلَمُونَ أنَّ رسولَ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أهْدَى إليه رَجُلٌ حِمَارَ وَحْشٍ، فأَبَى أن يَأْكُلَهُ؟ قالوا: نعم. ولأنَّه لَحْمُ صَيْدٍ فحَرُمَ على المُحْرِمِ، كما لو دَلَّ عليه. ولَنا، ما رَوَى جابِرٌ، قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقولُ: "صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ مَا لَمْ تَصِيدُوه، أو يُصَدْ لَكُمْ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ، والنَّسَائِىُّ، والتِّرمِذِيُّ (١٣)، وقال: هو أحْسَنُ حَدِيثٍ في البابِ. وهذا صَرِيحٌ في الحُكْمِ، وفيه جَمْعٌ بين الأحادِيثِ، وبَيَانُ المُخْتَلِفِ منها، فإنَّ تَرْكَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْأَكْلِ ممَّا أُهْدِىَ إليه، يَحْتَمِلُ أن يكونَ لِعِلْمِه أنَّه صِيدَ من أجْلِه أو ظَنِّه، ويَتَعَيَّنُ حَمْلُه على ذلك، لِمَا [قد ثَبَتَ] (١٤) من حديثِ أبي قَتَادَةَ، وأمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصْحَابَه بأكْلِ الحِمَارِ الذى صَادَه. وعن طَلْحَةَ، أنَّه أُهْدِىَ له طَيْرٌ، وهو رَاقِدٌ، فأكَلَ بعضُ أصْحَابِه وهم مُحْرِمُونَ، وتَوَرَّعَ بعضٌ، فلمَّا اسْتَيْقَظَ طَلْحَةُ وَفَّقَ (١٥) مَن أكَلَهُ، وقال: أكَلْنَاهُ مع رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١٦). وفي "المُوَطَّأِ" (١٧)، أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ يُرِيدُ مَكَّةَ


(١٣) أخرجه أبو داود، في: باب لحم الصيد للمحرم، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤٢٩. والترمذى، في: باب ما جاء في أكل الصيد. . .، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى ٤/ ٧٥. والنسائي، في: باب إذا أشار المحرم إلي الصيد، من كتاب المناسك. المجتبى ٥/ ١٤٧.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٣٨٧. والبيهقي، في: باب ما لا يأكل المحرم. . .، من كتاب الحج. السنن الكبري ٥/ ١٩٠.
(١٤) في ب، م: "قدمت".
(١٥) في م: "وافق". معنى "وفق": صوَّب.
(١٦) في: باب تحريم الصيد للمحرم، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٨٥٥.
كما أخرجه النسائي، في: باب ما يجوز للمحرم أكله من الصيد، من كتاب المناسك. المجتبي ٥/ ١٨٢. والدارمي، في: باب في أكل لحم الصيد. . .، من كتاب المناسك. سنن الدارمي ٢/ ٣٩. والبيهقي، في: باب ما يأكل المحرم. . .، من كتاب الحج. السنن الكبري ٥/ ١٨٨.
(١٧) في: باب ما يجوز للمحرم كله من الصيد، من كتاب الحج. الموطأ ١/ ٣٥١.
كما أخرجه النسائي، في: باب ما يجوز للمحرم أكله، من كتاب المناسك، وفي: باب إباحة أكل لحوم حمر الوحش، من كتاب الصيد والذبائح. المجتبي ٥/ ١٤٣، ٧/ ١٨١.والبيهقي، في: باب ما يأكل المحرم من الصيد، من كتاب الحج. السنن الكبري ٥/ ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>