للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ منهما حُكْمَه، ولا تَخْلُو مِن أرْبعةِ أحْوَالٍ: مُمَيِّزَةٍ لا عادةَ لها، ومُعْتَادَةٍ لا تَمْيِيزَ لها، ومَنْ لها عَادَةٌ وتَمْيِيزٌ، ومَنْ لا عادَةَ لها ولا تَمْيِيزَ.

أمَّا المُمَيِّزَةُ: فهى التي ذكرَها الْخِرَقِىُّ في هذه المسألةِ، وهى التي لِدَمِها إقْبَالٌ وإدْبَارٌ، بعضُه أسْوَدُ ثَخِينٌ مُنْتِنٌ، وبعضُهُ أَحْمَرُ مُشْرِقٌ، أوْ أصفرُ، أو لا رائِحَةَ له، ويكونُ الدَّمُ الأسودُ أو الثَّخِينُ لا يَزِيدُ على أكثرِ الحَيْضِ، ولا يَنْقُصُ عن أَقَلِّه، فحُكْمُ هذه أنَّ حَيْضَهَا زَمَانُ الدَّمِ الأسودِ أو الثَّخِينِ أو المُنْتِنِ، فإذا (٢) انْقَطَعَ فهى مُسْتَحَاضَةٌ، تَغْتَسِلُ لِلْحَيْض، وتَتَوَضَّأُ بعدَ ذلك لِكُلِّ صلاةٍ، وتُصَلِّى، وذكرَ أحمدُ المُسْتَحاضَةَ (٣) فقال: لَهَا سُنَنٌ، فذكَرَ (٤) المُعْتَادَةَ، ثُمَّ قال: وسُنَّةٌ أُخْرَى، إذا جاءتْ فزعَمَتْ أنَّها تُسْتَحَاضُ فلا تَطْهُرُ، قِيل لها: أنْتِ الآنَ ليس لك أيَّامٌ مَعْلُومَةٌ فَتَجْلِسِينَها، ولكن انْظُرِى إلى إقْبَالِ الدَّمِ وإدْبَارِه، فإذا أقْبَلَتِ الحَيْضَةُ - وإقْبَالُها أنْ تَرَىْ دَمًا أسْوَدَ يُعْرَفُ - فإذا تَغَيَّرَ دَمُها وكان إلى الصُّفْرَةِ والرِّقَّة، فذلك دَمُ اسْتِحَاضَةٍ، فاغْتَسِلِى، وصَلِّى. وبهذا قال مالكٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفة: لا اعْتِبَارَ بالتَّمْيِيزِ، إنَّما الاعْتِبَارُ بالعادَةِ خاصَّةً؛ لِمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، أنَّ امْرَأَةً كانَتْ تُهَرَاقُ (٥) الدِّمَاءَ على عَهْدِ رَسُول للَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقَال: "لِتَنْظُرْ عِدَّةَ الأَيَّامِ وَاللَّيَالِى الَّتِى كانَتْ تَحِيضُهُنَّ قَبْلَ أنْ يُصِيبَها الَّذِى أصَابَها، فَلْتَتْرُكِ الصَّلاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ، فإذَا خَلَّفَتْ (٦) ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِل، ثمَّ لتَسْتَثْفِرْ (٧) بثَوْبٍ، ثُمَّ لتُصَلِّ". رَوَاهُ أبو داوُد، والنَّسائِىُّ، وابنُ مَاجَه (٨). وهو أحدُ الأحادِيث الثَّلَاثَة التي قال الإِمَامُ أحمدُ:


(٢) في م: "فإن".
(٣) في الأصل: "في المستحاضة".
(٤) في م: "وذكر".
(٥) يقال: أراق الدم. وتبدل الهمزة هاء فيقال: هراقه.
(٦) خلفت: تركت أيام الحيض التي كانت تعهدها وراءها.
(٧) أي تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحشى قطنا.
(٨) أخرجه أبو داود، في: باب في المرأة تستحاض. . . إلخ، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٦٢. والنسائي، في: باب ذكر الاغتسال من الحيض، من كتاب الطهارة، وفى: باب المرأة يكون لها أيام معلومة تحيضها كل شهر، من كتاب الحيض. المجتبى ١/ ٩٩، ١٤٩. ولم نجده عن ابن ماجه. وأخرجه أيضًا: =

<<  <  ج: ص:  >  >>