للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يُثْغِر، فلا يجِبُ بقَلْعِها في الحالِ شيءٌ. هذا قولُ مالكٍ، والشَّافعىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. ولا أعلمُ فيه خِلافًا؛ وذلك (١٤) لأنَّ العادةَ عَوْدُ سِنِّه، فلم يجِبْ فيها في الحالِ شيءٌ، كنَتْفِ شَعَرِه، ولكِنْ يُنْتَظَرُ عَوْدُها؛ فإنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُيْأسُ من عَوْدِها، وجبَتْ دِيَتُها. قالَ أحمدُ، يتوقَّفُ سَنَةً؛ لأنَّه هو (١٥) الغالبُ في نَباتِها. وقال القاضي: إذا سقطَتْ أخَواتُها ولم تَعُدْ هي، أُخِذَتِ الدِّيَةُ. وإن نَبَتَ مَكانَها أُخْرَى، لم تجِبْ دِيَتُها، كما لو نُتِفَ، شَعَرُه فعادَ مثلُه. لكنْ إن عادَتْ قصيرةً أو مشَّوهةً ففِيها حُكومةٌ؛ لأنَّ الظَّاهرَ أنَّ ذلِكَ بسببِ الجنايةِ عليها. وإنْ أمْكَنَ تَقْديرُ (١٦) نَقْصِها عن نَظيرتِها، ففِيها من دِيَتِها بقَدْرِ ما نقَصَ. وكذلك إن كانتْ فيها ثُلْمَةٌ أمْكَنَ تَقْديرُها (١٧)، ففيها بقَدْرِ ما ذَهَبَ منها، كما لو كسَرَ من سِنِّه (١٨) ذلك القَدْرَ. وإنْ نبتَتْ أطْولَ (١٩) من أخَواتها، ففيها حُكومةٌ؛ لأنَّ ذلك عَيْبٌ. وقيل فيها وَجْةٌ آخَرُ، لا شىءَ فيها؛ لأنَّ هذا زيادةٌ. والصحيحُ الأوَّل؛ لأنَّ ذلك شَيْنٌ حصَلَ بسببِ الجنايةِ، فأشبَهَ نَقْصَها. وإنْ نبتَتْ مائلةً عن صَفِّ الأسْنانِ، بحيثُ لا يُنْتَفَعُ بها، فَفِيها ديَتُها؛ لأنَّ ذلِكَ كذَهابِها، وإنْ كانَتْ يُنتفَعُ بها، ففيها حُكومةٌ؛ للشَّيْنِ الحاصلِ بها، ونَقْصِ نَفْعِها. وإن نبتَتْ صفراءَ أو حمراءَ أو مُتَغيِّرةً، ففيها حُكومةٌ؛ لنَقْصِ جمالِها. وإن نبتَتْ سوداءَ أو خضْراءَ، ففيها رِوَايتان، حكاهما القاضي؛ إحدَاهُما، فِيها دِيَتُها. والثَّانيةُ، فيها حُكومةٌ، كما لو سوَّدها من غيرِ قَلْعِها. وإنْ ماتَ الصَّبىُّ قبلَ اليَأْسِ مِن عَوْدِ سِنِّهِ، ففيه وَجْهان؛ أحدهما، لا شىءَ له؛ لأنَّ الظاهرَ أنَّه لو عاشَ لَعادتْ، فلم يجبْ فِيها شيءٌ، كما لو نُتِفَ شَعَرُه. والثَّانِى، فيها الدِّيَةُ؛ لأنَّه قلَعَ سِنًّا وأُيِسَ مِنْ عَوْدِها، فوجبَتْ دِيَتُها، كما لو


(١٤) سقط من: ب.
(١٥) سقط من: م.
(١٦) في ب: "بقدر".
(١٧) في ب: "بقدرها".
(١٨) في الأصل زيادة: "بقدر".
(١٩) في ب، م: "أكبر".

<<  <  ج: ص:  >  >>