للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيلَ: المرادُ بهِ أنَّ مَنْ ليس لهُ إلَّا خالٌ فلا وُرَّاث له، كما يُقالُ: الجوعُ زادُ مَنْ لا زادَ لَهُ، والماءُ طِيبُ مَنْ لا طِيبَ لَهُ، والصبرُ حِيلةُ مَنْ لا حِيلَةَ لَهُ. أو أنَّه أرادَ بالخالِ السُّلطانَ. قُلْنا: هذا فاسِدٌ؛ لِوجوهٍ ثلاثةٍ؛ أحدُها، أنَّه قال: "يَرِثُ مَالَهُ"، وفى لفظٍ قال: "يَرِثُهُ". والثاني، أنَّ الصحابَةَ فَهِموا ذلك، فكتَبَ عمرُ بهذا جوابًا لأبي عُبَيْدَةَ حين سألَه عن مِيراثِ الخالِ، وهم أحَقُّ بالفَهْمِ والصوابِ مِنْ غيرِهم. الثالثُ، أنَّه سَمَّاهُ وارِثًا، والأصْلُ الحقيقَةُ. وقولُهم: إنَّ هذا يُسْتَعملُ للنَّفْىِ. قُلْنا: والإِثْباتِ، كقَوْلِهم: يا عِمادَ مَنْ لا عمادَ له. يا سَنَدَ مَنْ لا سَنَدَ له. يا ذُخْرَ مَنْ لا ذُخْرَ له. وقال سعيدٌ (٩): حدَّثَنا أبو شِهابٍ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، عن محمدِ بن يحيى بنِ حِبَّان، عن عَمِّه واسِعِ بنِ حِبَّان، قال: تُوُفِّىَ ثابتُ بن الدَّحْداحَةِ، ولم يَدَعْ وارِثًا ولا عَصَبَةً، فرُفِعَ شأنُه إلى رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فدفَعَ رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مالَه إلى ابنِ أُختِهِ أبى لُبابَةَ بنِ عبد المُنْذرِ. ورواه أبو عُبَيْدٍ، في "الأمْوالِ" (١٠)، إلَّا أنَّه قال: ولم يُخلِّفْ إلَّا ابنةَ أخٍ له، فقضَى النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بميراثِهِ لابنة أَخيهِ. ولأنَّه ذو قَرابَةٍ، فيَرِثُ، كذَوِى الفُروضِ؛ وذلك لأنَّه سَاوَى النَّاسَ في الإِسلامِ، وزاد عليهم بالقَرابَةِ، فكان أَوْلَى بمالِه منهم، ولهذا كانَ أحَقَّ في الحياةِ بصَدَقَتِهِ وصِلتِهِ، وبعدَ الموتِ بوصيَّتِهِ، فأشْبَهَ ذَوِى الفُروضِ والعَصَباتِ (١١) الْمَحْجُوبِينَ، إذا لم يكُنْ مَنْ يَحْجُبُهم. وحديثُهم مرسَلٌ. ثم يَحْتَمِلُ أنَّه لا مِيراثَ لهما مع ذَوِى الفُروضِ والعَصَباتِ؛ ولذلك سَمَّى الخالَ "وَارِث مَنْ لَا وارِثَ لَهُ". أي لا يرِثُ إلَّا، عند عَدَمِ الوارِثِ. وقولُهم: لا يرِثانِ مع أخيهما (١٢). قُلْنا: لأنَّهما أقوَى منهما. وقولُهم: إنَّ المِيراثَ إنَّما ثبَتَ نصًّا. قُلْنا: قَدْ ذكَرْنا نُصوصًا. ثم التَّعْليلُ واجِبٌ مهما أمْكَنَ،


(٩) في: باب العمة والخالة. السنن ١/ ٧٠، ٧١.
كما أخرجه الدارمي، في: باب ميراث ذوى الأرحام، من كتاب الفرائض. سنن الدارمي ٢/ ٣٨١. وعبد الرزاق، في: باب الخالة والعمة وميراث القرابة، من كتاب الفرائض. المصنف ١٠/ ٢٨٤، ٢٨٥.
(١٠) لم نجده في المطبوع بين أيدينا.
(١١) في النسخ: "والعصابات".
(١٢) في الأصل: "أخوهما". وفى ا: "إخوتهما". وفي م: "أخواتهما". وتقدم في أول الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>