للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاءِ. ولَنا، قَوْلُ اللهِ تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (٣). أي أَحَقُّ بالتَّوَارُثِ في حُكْمِ اللهِ تعالى. قال أَهْلُ العِلْمِ: كان التَّوَارُثُ في ابْتِدَاءِ الْإِسْلامِ بالْحِلْفِ، فكان الرَّجُلُ يقول للرَّجُلِ: دَمِى دَمُكَ، ومالِي مالُكَ، تَنْصُرُنى وأَنْصُرُكَ، وتَرِثُنِى وأَرِثُكَ. فيَتَعَاقَدَانِ الْحِلْفَ بينهما على ذلك، فَيَتَوَارَثانِ به دُونَ الْقَرَابَةِ، وذلك قولُ اللهِ عزَّ وجَلَّ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} (٤). ثم نُسِخَ ذلك، وصارَ التَّوارُثُ بالإِسلامِ والهِجْرَةِ، فإذا كان له ولَدٌ، ولم يُهاجِرْ، ورِثَه الْمهاجِرونَ دونَهُ، وذلك قولُه عزَّ وجلَّ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} (٥). ثم نُسِخَ ذلك بقولِ اللهِ تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (٣). ورَوَى الإِمامُ أَحمدُ (٦)، بإِسنادِهِ، عن سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ، أنَّ رجلًا رمَى رجلًا بسَهْمٍ، فقتلَه، ولم يتْرُكْ إلَّا خالًا، فكتَبَ فيه أبو عُبَيْدَةَ إلى عمرَ، فكتبَ إليه عمرُ؛ إنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقولُ: "الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ". قالَ التِّرْمِذِىُّ: هذا حديثٌ حسَنٌ. ورَوَى المِقْدادُ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قالَ: "الخالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، يَعْقِلُ عَنْهُ، وَيَرِثُهُ". أخرجَه أبو داوُدَ (٧). وفى لَفظٍ: "مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ، يَعْقِلُ عَنْهُ، وَيَفُكُّ عَانِيَهُ" (٨). فإن


(٣) سورة الأنفال ٧٥.
(٤) سورة النساء ٣٣.
(٥) سورة الأنفال ٧٢.
(٦) في: المسند ١/ ٢٨, ٤٦.
كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في ميراث الخال، من أبواب الفرائض. عارضة الأحوذى ٨/ ٢٥٤، ٢٥٥. وابن ماجه، في: باب ذوى الأرحام، من كتاب الفرائض. سنن ابن ماجه ٢/ ٩١٤.
(٧) في: باب في ميراث ذوى الأرحام، من كتاب الفرائض. سنن أبى داود ٢/ ١١١.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب الدية على العاقلة فإن لم يكن عاقلة ففى بيت المال، من كتاب الديات، وفى: باب ذوى الأرحام، من كتاب الفرائض. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٧٩، ٩١٤. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ١٣١، ١٣٣.
(٨) أخرجه أبو داود في الباب السابق، الموضع السابق. والبيهقي، في: باب من قال بتوريث ذوى الأرحام، من كتاب الفرائض. السنن الكبرى ٦/ ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>