للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَائِزٌ، إلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوْهِ" (٢). ومثلُ هذا عن عَلِىٍّ، ومعاويةَ، وابن عبَّاسٍ، قال ابنُ عبَّاسٍ (٣): طلاقُ السَّكْرانِ جائزٌ، إن رَكِبَ مَعْصيةً مِن مَعَاصِى اللَّهِ نَفَعَه ذلك! ولأنَّ الصَّحابةَ جعلوه كالصَّاحى فى الحَدِّ بالقَذْفِ؛ بدليلِ ما روَى أبو وَبْرَة الكَلْبِىُّ، قال: أرْسَلِنى خالدٌ إلى عمرَ، فأتيتُه فى المسجدِ، ومعه عثمانُ، وَعَلِىٌّ، وعبدُ الرَّحمنِ، وطَلْحَةُ، والزَّبَيْرُ، فقلتُ: إنَ خالدًا يقولُ: إنَّ النَّاسَ انْهَمكُوا فى الخمرِ، وتَحَاقَرُوا العُقُوَبةَ. فقال عمرُ: هؤلاءِ عندَك فسَلْهُم. فقال عَلِىٌّ: نَراه إذا سَكِرَ هَذَى، وإذا هَذَى افْترَى، وعلى الْمُفْتَرِى ثمانون. فقال عمرُ: أبلِغْ صاحبَك ما قالَ (٤). فجعلوه كالصَّاحِى، ولأنَّه إيقاعٌ للطَّلاقِ مِن مُكَلَّفٍ غيرِ مُكْرَهٍ صَادفَ مِلْكَه، فوجبَ أن يَقعَ، كطلاقِ الصَّاحِى، ويَدُلُّ على تكْليفِه أنَّه يُقتَلُ بالقَتْلِ، ويُقْطَعُ بالسَّرِقَةِ، وبهذا فَارقَ المجنونَ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يَقعُ طَلاقُه. اخْتارَها أبو بكرٍ عبدُ العزيزِ. وهو قولُ عثمانَ (٥)، رَضِىَ اللَّهُ عنه. ومذهبُ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، والقاسمِ، وطاوُسٍ، ورَبِيعةَ، ويحيى الأنْصارِىِّ، واللَّيْثِ، والعَنْبَرِىِّ، وإسْحاقَ، وأبى ثورٍ، والمُزَنِىِّ. قال ابنُ المُنْذِرِ: هذا ثابتٌ عَن عثمانَ، ولا نَعلمُ أحدًا مِنَ الصَّحابةِ خالفَه. وقال أحمدُ: حديثُ عثمانَ أرْفَعُ شىءٍ فيه، وهو أصَحُّ. يعنى مِن حديثِ عَلِىٍّ، وحديثُ الْأَعْمَشِ، منصورٌ لا يَرفعُه إلى عَلِىٍّ. ولأنَّه زائلُ العقلِ، أشْبَهَ المجنونَ، والنَّائمَ، ولأنَّه مفقودُ


(٢) تقدم تخريجه فى صفحة ٣٤٥.
(٣) فى حاشية م: باب ذكر البخارى فى صحيحه، قال ابن عباس: طلاق السكران والمستكره ليس بجائز. هكذا بصيغة الجزم، وما كان فيه بصيغة الجزم حكمه حكم مسنده فى الصحة.
وانظر: باب الطلاق فى الإغلاق. . .، من كتاب الطلاق. صحيح البخارى ٧/ ٥٨.
(٤) أخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى عدد حد الخمر، من كتاب الأشربة والحد فيها. السنن الكبرى ٨/ ٣٢٠.
(٥) أورده البخارى، فى: باب الطلاق فى الإغلاق والكره والسكران. . .، من كتاب الطلاق. صحيح البخارى ٧/ ٥٨. وأخرجه البيهقى، فى: باب من قال: لا يجوز طلاق السكران ولا عتقه، من كتاب الخلع والطلاق. السنن الكبرى ٧/ ٣٥٩. وابن أبى شيبة، فى: باب من كان لا يرى طلاق السكران جائزا، من كتاب الطلاق. المصنف ٥/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>