للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّهما لا يَعْلَمانِ أَنَّ أباهُما كاتَبَه؛ لأنَّها يَمِينٌ على نَفْىِ فِعْلِ الغيرِ، فإن حَلَفَا، ثَبَتَ رِقُّه، وإن نَكَلَا، قُضِىَ عليهما، أو رُدَّتِ اليَمِينُ (١٦)، على قولِ مَنْ قَضَى برَدِّها، فيَحْلِفُ العبدُ، وتَثْبُتُ الكِتابةُ. وإن حَلَفَ أحدُهما، ونَكَلَ الآخرُ، قُضِىَ برِقِّ نِصْفِه، وكِتابةِ نِصْفِه. وإن صَدَّقَه أحَدُهما، وكذَّبَه الآخَرُ، ثَبَتتِ الكِتابةُ فى نِصْفِه، وعليه البَيِّنَةُ فى نِصْفِه الآخَرِ. فإن لم تكُنْ له بَيِّنَةٌ، وحَلَفَ المُنْكِرُ، صار نِصْفُه مُكاتَبًا، ونِصْفُه رَقِيقًا قِنًّا. فإن شَهِدَ المُقِرُّ على أخِيه، قُبِلَتْ شَهادَتُه؛ لأَنَّه لا يَجُرُّ بها إلى نَفْسِه نَفْعًا، ولا يَدْفَعُ بها ضرَرًا. فإن كان معَه شاهدٌ آخَرُ، كَمَلَتِ الشَّهادةُ، وثَبَتَتِ الكِتابةُ فى جَمِيعه. وإن لم يَشْهَدْ معَه غيرُه، فهل يَحْلِفُ العبدُ معَه؟ على رِوَايتَيْنِ. وإن لم يَكُنْ عَدْلًا، أو لم يَحْلِفِ العبدُ معَه، وحَلَفَ المُنْكِرُ، كان نِصْفُه مُكاتَبًا، ونِصْفُه رَقِيقًا، ويكونُ كَسْبُه بينَه وبينَ المُنْكِرِ نِصْفَيْنِ، ونَفَقَتُه من كَسْبِه؛ لأنَّها على نَفْسِه، وعلى مالِكِ نِصْفِه، فإنْ لم يَكُنْ له كَسْبٌ، كان على المُنْكِرِ نِصْفُ نَفَقَتِه، ثم إن اتَّفَقَ هو ومالِكُ نِصْفِه على المُهايأَةِ، مُعاوَمةً أو مُشَاهَرَةً، أو كيفَما كان، جاز. وإن طَلَبَ ذلك أحَدُهما، وامْتَنَع الآخَرُ، فظاهِرُ كلامِ أحمدَ، أنَّه يُجْبَرُ عليها. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ المَنافِعَ مُشْتَرَكةٌ بينَهما، فإذا أراد أحَدُهما حِيازَةَ نَصِيبِه من غيرِ ضَرَرٍ، لَزِمَ الآخَرَ إجَابَتُه، كالأعْيانِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يُجْبَرَ. وهو قولُ الشافعىِّ؛ لأنَّ المُهايأةَ تأْخِيرُ حَقِّهِ الحالِّ؛ لأنَّ المَنافِعَ فى هذا اليوم مُشْتَرَكَةٌ بينَهما، فلا تَجِبُ الإِجابةُ إليه، كتَأخِيرِ دَيْنِه الحالِّ. فإن اقْتَسَما الكَسْبَ مُهايأةً، أو مُناصَفةً، فلم يَفِ بأداءِ نُجُومِه، فللمُقِرِّ رَدُّه فى الرِّقِّ، وما فى يَده له خاصَّةً؛ لأنَّ المُنْكِرَ قد أخَذَ حَقَّه من الكَسْبِ. وإن اخْتَلَفَ المُنْكِرُ والمُقِرُّ فيما فى يَد المُكاتَبِ، فقال المنكرُ: هذا كان فى يَده قبلَ دَعْوَى الكِتابةِ، أوكَسَبَه (١٧) فى حياةِ أبِينَا. وأنْكَرَ ذلك المُقِرُّ، فالقولُ قولُه معَ يَمِينِه؛ لأنَّ المُنْكِرَ يَدَّعِى كَسْبَه فى وَقْتٍ الأصْلُ عَدَمُه فيه، ولأنَّه لو اخْتَلَفَ هو والمُكاتَبُ فى ذلك، كان القولُ قولَ المُكاتَبِ، فكذلك مَن يقومُ مَقامَه. وإِنْ أدَّى الكِتابةَ، عَتَقَ نَصِيبُ المُقِرِّ خاصَّة، ولم يَسْرِ إلى نَصِيبِ شَرِيكِه؛ لأَنَّه لم يُباشِرِ


(١٦) فى م زيادة: "عليه".
(١٧) فى م: "وكسبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>