للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَارٍ؟ ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (٥). ولأنَّه من جِنْسِ الأَثْمَانِ، أَشْبَه التِّبْرَ. وقال مَالِكٌ: يُزَكَّى عَامًا وَاحِدًا. وقال الحسنُ، وعبدُ اللهِ بن عُتْبَةَ (٦)، وقَتَادَةُ: زَكَاتُه عَارِيَتُهُ. قال أحمدُ: خَمْسَةٌ من أصْحابِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُونَ: ليس في الحَلْىِ زَكَاةٌ. ويَقُولُونَ: زَكَاتُهُ عَارِيَتُهُ. وَوَجْهُ الأَوَّلِ، ما رَوَى عَافِيَةُ بن أَيُّوبَ، عن اللَّيْثِ بن سَعْدٍ، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابِرٍ، عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنَّه قال: "لَيْسَ في الحَلْىِ زَكَاةٌ" (٧). ولأنَّه مُرْصَدٌ لِاسْتِعمالٍ مُبَاحٍ، فلم تَجِبْ فيه الزكاةُ، كالعَوَامِلِ، وثِيَابِ القُنْيَةِ. وأمَّا الأحادِيثُ الصَّحِيحَةُ التى احْتَجُّوا بها، فلا تَتَنَاوَلُ مَحِلَّ النِّزاعِ؛ لأَنَّ الرِّقَةَ هى الدَّرَاهِمُ المَضْرُوبَةُ. قال أبو عُبَيْدٍ (٨): لا نَعْلَمُ هذا الاسْمَ في الكلامِ المَعْقُولِ عندَ العَرَبِ إلَّا على الدَّرَاهِمِ المَنْقُوشَةِ، ذَاتِ السِّكَّةِ السَّائِرَة في النَّاسِ. وكذلك الأَوَاقِيُّ ليس مَعْنَاها إلَّا الدَّرَاهِمَ كلُّ أُوقِيَّةٍ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا. وأما حَدِيثُ الْمَسَكَتَيْنِ، فقال أبو عُبَيْدٍ (٩): لا نَعْلَمُه إلَّا من وَجْهٍ قد تَكَلَّمَ النّاسُ فيه قَدِيمًا وحَدِيثًا. وقال التِّرْمِذِيُّ (١٠): ليس يَصِحُّ في هذا البَابِ شىءٌ. ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ بالزكاةِ إعارَتَهُ، كما فَسَّرَه به بعضُ العُلَماءِ، وذَهَبَ إليه جَمَاعَةٌ من الصَّحَابَةِ وغيرهم، والتِّبْرُ غيرُ مُعَدٍّ لِلاسْتِعْمَالِ، بخِلافِ الحَلْىِ. وقَوْلُ الخِرَقِيِّ: "إذا كان ممَّا تَلْبَسُهُ أو تُعِيرُهُ". يَعْنِى أنَّه إنَّما تَسْقُطُ عنه الزكاةُ إذا كان كذلك، أو مُعَدًّا له، فأمَّا المُعَدُّ للكِرَا أو النَّفَقَةِ إذا احْتِيجَ إليه، ففيه


(٥) في: باب الكنز ما هو؟ وزكاة الحلى، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود ١/ ٣٥٨.
كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في زكاة الحلى، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى ٣/ ١٣١. والنسائي، في: باب زكاة الحلى، من كتاب الزكاة. المجتبى ٥/ ٢٨.
(٦) عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود الهذلى، أدرك النبى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورآه وروى عنه، وكان ثقة رفيعا، كثير الحديث والفتيا، فقيها، توفى سنة أربع وسبعين. تهذيب التهذيب ٥/ ٣١١، ٣١٢.
(٧) أخرجه الدارقطنى، في: باب زكاة الحلى، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى ٢/ ١٠٧.
(٨) في: الأموال ٤٤٤.
(٩) في: الأموال ٤٤٥.
(١٠) انظر: عارضة الأحوذى ٣/ ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>